اعلن المشاركون في لقاء وزراء خارجية الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي «الناتو» في بروكسيل، تمهيداً لقمة شيكاغو في 21 أيار (مايو) المقبل و22 منه، التمسك بوحدة الأراضي الجورجية، وطالبوا روسيا بسحب قواتها من أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية، واعتبروا المرابطة الروسية فيهما احتلالاً لأراضٍ جورجية. وأكد وزير خارجية جورجيا أن الطرفين الجورجي والأميركي اتفقا على كل النقاط المهمة، ومنها خطط التعاون مع الشركاء والحلفاء مع اقتراب موعد خروج القوات الاميركية من أفغانستان، وتولي الشرطة المحلية والقوات الأفغانية الأمن. وتنتظر جورجيا من الحلفاء أن يكفلوا أمن جورجيا من الاعتداءات الروسية في وقت تُعِدّ روسيا لمناورات «قوقاز 2012» التي ترى جورجيا أنها مصدر خطر على المنطقة. ولا يَخْفى على أحد أن قمة شيكاغو لن تبحث في قبول عضوية جورجيا في الناتو. وأكدت بروكسيل إن مسألة عضوية جورجيا في الحلف الاطلسي مبدئية وتخضع لاعتبارات الوقت دون غيره. لكن الإعلان هذا لم يخفف خيبة جورجيا. لذا، ذكّر الرئيس الجورجي ساكاشفيلي خلال زيارة راسموسن الأمين العام لحلف الناتو إلى تبيليسي، بأن بلاده تؤدي واجباتها في النقاط «الحارة» مع حلفائها الأميركيين، وأنها تريد توضيح مستقبلها في الناتو. لكن راسموسن لم يطمئن جورجيا، بل دعاها الى احترام المعايير والقيم الديموقراطية، ورهن مستقبل جورجيا في الناتو بأدائها الديموقراطي، في وقت يقترب موعد الانتخابات النيابيّة في جورجيا. ولقيت تصريحات راسموسن في المقابل استحساناً في اوساط المعارضة الجورجيّة، التي ترى في إجراء الانتخابات تحت أنظار الغرب ضمانة لتفادي تزويرها والتلاعب بالنتائج. وعلى خلاف السلطة، لم ترَ المعارضة الجورجية جديداً في وثيقة بروكسيل الأخيرة. وسبق للأطلسي ان اعتبر أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا مناطق محتلة وطالب روسيا بسحب قواتها منهما. ومثل هذه الدعوات لا تؤثر في موسكو في كل الأحوال. ويكرر الحلفاء الغربيون هذه المعزوفة من اجل إرضاء شركائهم القوقازيين. وحري بسلطات تبيليسي أن تدرك أن حلف الناتو لا يحتسب رأي الولاياتالمتحدة وبولندا المقربتين من جورجيا فحسب، بل هو لا يهمل أيضاً رأي دول تجمعها بجورجيا علاقات صعبة مثل ألمانيا وفرنسا اللتين تعارضان انضمام جورجيا الى الحلف. ولكن، عوض التوصل الى لغة مشتركة معهما، يؤجج ساكاشفيلي المواجهة مع برلين وباريس. فعلى سبيل المثال، رفضت السلطات الجورجية أخيراً استقبال بعثة خبراء ألمان رفيعة المستوى إذا انضم الى الوفد الديبلوماسي ديتير بودين، الوسيط السابق في النزاع الأبخازي– الجورجي، فالوسيط هذا أدلى بتصريحات حيادية أثارت استياء تبيليسي، ولم يَرُقْ هذا الموقف لألمانيا. ويرى وزير خارجية أبخازيا أن محاولات الغرب لن ترغم بلاده على العودة إلى حظيرة جورجيا. واتهم الولاياتالمتحدة بعرقلة الاعتراف الدولي بالجمهورية المستقلة حديثاً وتهديد الدول بوقف الدعم الاقتصادي إذا اعترفت بأبخازيا. وتعتبر موسكو أن «الناتو» يتعامل مع جورجيا على انها شريك محتمل، وانه سارع إلى إعادة تسليحها وتعهد منحها العضوية في الحلف. وهي تنظر بعين القلق الى هذه الخطوات والاعلانات. فيسود التوتر في القوقاز. ويرى وزير الخارجية الروسي أن بلاده منذ بداية 2008 سعت في لقاء «أصدقاء جورجيا» الى إصدار وثيقة تعهد بعدم توسل القوة، وأن الطرف الجورجي رفض التوقيع رفضاً قاطعاً. ويجافي الصواب قبول «الناتو» دولة على رأسها شخص مسؤول عن مقتل أبرياء. وموسكو تتوجه الى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية على انهما دولتان حليفتان، والعلاقات تسير معهما قدماً لضمان الأمن والسلام في القوقاز. * صحافي، عن «نيزافيسيمايا غازييتّا» الروسية، 20/4/2012، إعداد علي شرف الدين