باريس، لندن - أ ف ب - في خطوة مفاجئة أوحت بوجود خلافات خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة، قَبِل الرئيس محمود احمدي نجاد استقالة رئيس «الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية» غلام رضا آغازاده الذي يُعتبر مقرباً من رئيس مجلس خبراء القيادة هاشمي رفسنجاني والمرشح الإصلاحي الخاسر في الانتخابات مير حسين موسوي. جاء الإعلان عن الاستقالة، عشية الخطبة التي سيلقيها رفسنجاني خلال صلاة الجمعة اليوم، للمرة الأولى منذ الانتخابات الرئاسية الشهر الماضي، والتي سيحضرها موسوي والمرشح الإصلاحي الآخر مهدي كروبي والرئيس الإصلاحي السابق محمد خاتمي. وسيكون هذا أول ظهور علني لموسوي منذ أسابيع. في غضون ذلك، قال نجاد ان «العدو حاول في الانتخابات نقل جبهة المعركة الى داخل البلاد». واضاف في مدينة مشهد: «لكنني قلت للأعداء ان هذه الأمة ستضربكم في وجوهكم بقوة تجعلكم تفقدون سبيلكم في الداخل». وفي إشارة الى الملف النووي الإيراني، أكد نجاد ان الدول الكبرى «لن تنجح في الاستيلاء على ذرة من حقوق إيران». ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية عن عضو مجلس خبراء القيادة احمد خاتمي قوله ان «الأعداء سعوا بعد الأحداث والاضطرابات الأخيرة، الى إحداث ثورة مخملية في إيران على غرار ما حدث في جورجيا وبيلاروسيا، ولكنهم لم يفلحوا في مسعاهم». وأضاف ان «محور هذا الانقلاب كان إلغاء نتيجة الانتخابات، وأُحبط من قبل قائد الثورة الإسلامية» المرشد علي خامنئي. في باريس، أعلن وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير ان بلاده ستعترف بنجاد رئيساً لإيران، مع مواصلة تأييدها للإصلاحيين. ورداً على سؤال أمام مجلس الشيوخ الفرنسي حول الاعتراف بالولاية الثانية لنجاد، أجاب كوشنير: «أخشى انه ليس أول (رئيس) علينا الاعتراف به. هناك احتجاج، ولكن إذا كان الكل في إيران يؤيد انتخاب الرئيس، فسيكون من غير المجدي ان نعارض ذلك وحدنا». وأضاف كوشنير ان فرنسا ستواصل تأييد الحركة التي وُلدت من الاحتجاج على نتائج الانتخابات، موضحاً انه يجب «مضاعفة الاتصالات معها ومواصلة الاعتراض على ما يجري في المجال النووي». وقال: «نحن أمام حركة واعدة في صفوف الشعب الإيراني. نلاحظ على مستوى القمة، خلافات كبيرة في القيادة الشيعية. انه نزاع على السلطة، هذا ينعكس بطرق مختلفة في مختلف الدول، ولكنها المرة الأولى التي توجد فيها مثل هذه الخلافات على مستوى القمة منذ ثلاثين سنة». في الوقت ذاته، أوردت صحيفة «ذي تايمز» البريطانية أن عبور مدمرتين إسرائيليتين قناة السويس الثلثاء الماضي، بعد عشرة أيام على مرور غواصة إسرائيلية قادرة على شن هجوم نووي، يأتي في إطار إعداد تل أبيب لهجوم محتمل على المنشآت النووية الإيرانية. استقالة آغازاده في غضون ذلك، أفادت وكالة الأنباء الطالبية الإيرانية (إيسنا) بأن آغازاده أكد انه قدّم استقالته قبل 20 يوماً الى نجاد الذي قبِلها. ولم تكشف الوكالة سبب الاستقالة. وكان نجاد أشار بعد الانتخابات، الى أنه سيجري تعديلات في حكومته. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية عن الناطق باسم الهيئة الذرية محسن دلاويز، تأكيده استقالة آغازاده. وقال ان «اسم آغازاده سيظل دوماً في تاريخ الطاقة النووية الإيرانية». وأضاف انه «سيشرح أسباب استقالته، إذا اقتضت الضرورة»، مشيراً الى ان «الكثير من الإنجازات التي تحققت في المجال النووي، تعود الى الجهود الدؤوبة التي بذلها». وأفادت وكالة «رويترز» بأن آغازاده حليف لرفسنجاني، فيما اعتبرته «اسوشييتد برس» مقرباً من موسوي أيضاً. وأوضحت «اسوشييتد برس» ان آغازاده شكّل مع عدد من أنصار رفسنجاني، حزب «كارغوزاران» السياسي مطلع تسعينات القرن العشرين. وتحدثت «اسوشييتد برس» عن مؤشرات الى خلافات بين آغازاده وبرويز فتاح وزير الطاقة في حكومة نجاد، حول افتتاح مفاعل بوشهر النووي الذي يقوم خبراء روس ببنائه جنوبإيران. وكان فتاح اشتكى الأربعاء الماضي من انه على رغم خطط افتتاح بوشهر هذا الصيف، «لم يوفر رئيس الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية حتى الآن، أي معلومات» في هذا الشأن. وتوحي هذه التصريحات بأن آغازاده كان يقاوم افتتاحاً متسرعاً للمفاعل. وقال فتاح أيضاً انه «على رغم الوعود السابقة»، لن يتمكن المفاعل من إنتاج طاقة كهربائية هذا الصيف، بالكمية التي خُطط لها. وشغل آغازاده (60 سنة) منذ العام 1997 رئاسة «الهيئة الإيرانية للطاقة الذرية»، وهي المنظمة المكلفة تطوير البرنامج النووي الإيراني. وعيّن الرئيس السابق محمد خاتمي، آغازاده في المنصب، لكنه احتفظ بمنصبه بعد تولي نجاد الرئاسة عام 2005. وشغل آغازاده منصب وزير النفط بين العامين 1985 و1997 حين كان موسوي رئيساً للوزراء في ثمانينات القرن العشرين، وكان أيضاً نائباً لرئيس الوزراء في الثمانينات. ويُعتبر المسؤول الرئيسي عن تطوير البرنامج النووي الإيراني. فمنذ تولى مهماته عام 1997، أنشأت إيران مصنعاً لتحويل اليورانيوم في اصفهان ومركزاً لتخصيب اليورانيوم في ناتانز. كما يُعتبر المسؤول عن تطوير مفاعل بوشهر.