في اليوم الثامن لوقف اطلاق النار، قتل أكثر من 70 شخصاً، بينهم 18 من قوات النظام، فيما خرجت تظاهرات حاشدة في جمعة «سننتصر ويُهزم الأسد»، في مختلف المدن والمناطق السورية خصوصاً في دمشق وحلب، وواجهتها القوات النظامية بالنيران والاعتقالات. وظهر انقسام في مجلس الأمن بين الجانب الروسي والدول الغربية في شأن قرار نشر كامل بعثة المراقبة الدولية. وشهدت سورية من الشمال الى الجنوب خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين طالبوا بإسقاط النظام وسط حملات لقوات الأمن التي شنت سلسلة اعتقالات استباقية وأطلقت الغاز المسيل للدموع والرصاص على المتظاهرين وقنابل المدفعية والهاون في أكثر من منطقة كما اقتحمت القوات الخاصة بعض المناطق الثائرة. ومع مقتل اكثر من 50 متظاهراً برصاص رجال النظام، سقط 15 من قوات الأمن النظامية في عبوتين ناسفتين قالت السلطات ان المسلحين زرعوهما في منطقتين من الجنوب، ارتفع الى 18 عدد القتلى من عناصر الامن أمس. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» في بيان إن «التظاهرات خرجت في مدن وبلدات وقرى في محافظات درعا (جنوب) ودمشق وريفها وحمص وحماة (وسط) وإدلب (شمال غرب) وحلب (شمال) ودير الزور (شرق) واللاذقية (غرب) والحسكة (شمال شرق) طالبت بإسقاط النظام ورحيل بشار الأسد»على رغم الانتشار الأمني والعسكري واستمرار القصف وإطلاق الرصاص والاعتقالات من جانب القوات النظامية». في دوما في ريف دمشق، أظهرت مقاطع بثت على الإنترنت آلاف المتظاهرين يرددون أغاني تضامناً مع «أم الشهيد». ونقلت وكالة «اسوشييتد برس» عن الناشط معاذ الشامي في دمشق قوله: «على رغم التواجد الأمني الكثيف سارت تظاهرات في ضواحي العاصمة دمشق مثل القابون والميدان وبرزة والمزة وأطلقت قوات الأمن النار على المتظاهرين وفوق رؤوسهم لإرهابهم وتفريقهم. في الرستن الخارجة منذ شهور عن سيطرة القوات النظامية التي تتعرض للقصف ومحاولات الاقتحام باستمرار، رفع المتظاهرون لافتات «أين المراقبون؟» ورددوا هتافات لإسقاط النظام. وفي حمص أفاد الناشط سيف العرب في اتصال عبر سكايب مع «فرانس برس» أن «القوات النظامية جددت قصفها قرابة السابعة صباحاً على حيي الخالدية وجورة الشياح قبل أن تتسع دائرة القصف لتطاول أحياء حمص القديمة». وقال سيف العرب إن القوات النظامية تشدد حملتها على المدينة وأحيائها «في ما يبدو أنها محاولة من النظام للسيطرة على حمص بالكامل قبل أن تدخلها لجنة المراقبين». وأشار المرصد السوري إلى سقوط «قذيفة كل خمس دقائق» على الخالدية. وأظهرت مقاطع بثها ناشطون على شبكة الإنترنت قصفاً على حي الخالدية الذي تصاعدت منه سحب الدخان صباح الجمعة. وفي بيت سحم في ريف دمشق أيضاً، انطلقت تظاهرة من أمام مسجد فاطمة الزهراء تخللها إلقاء مناشير «منددة بالمهل الكاذبة للنظام»، وهتف المشاركون «اللي ما بيشارك ما في ناموس»، في محاولة لحض المترددين على المشاركة في التظاهرات. وسارت تظاهرة حاشدة في القامشلي (شمال شرق) ذات الغالبية الكردية هتفت بإسقاط النظام، بحسب ما أظهرت مقاطع بث مباشرة على الإنترنت. ومع الاستعداد لتقديم مشروع قرار جديد الى مجلس الأمن للإسراع في ارسال 300 مراقب الى سورية تبين استحالة جمعهم وتزويدهم العتاد والاجهزة اللازمة قبل مطلع الشهر المقبل. وقال أحمد فوزي الناطق باسم المبعوث الدولي -العربي كوفي أنان إن على الأممالمتحدة إرسال المراقبين إلى سورية في أقرب وقت ممكن. واشار الى وجود سبعة مراقبين الآن في سورية لمراقبة وقف النار الذي بدأ سريانه منذ أسبوع يعقبهم اثنان بعد غد الاثنين ثم الفريق الطليعي من 30 شخصاً المقرر نشره الأسبوع المقبل. وقال فوزي في مؤتمر صحافي في جنيف: «نستعد للانتشار لأننا نشعر أن هذا سيحدث إن آجلاً أو عاجلاً لأنه يجب أن يحدث». وأضاف: «الوضع على الأرض ليس جيداً كما نعلم جميعاً، إنه وقف إطلاق نيران هش وهناك خسائر بشرية كل يوم وحوادث كل يوم ويجب أن نبذل كل ما في وسعنا لوقف ما يحدث من قتل وعنف بمختلف أشكاله». وتحدث فوزي عن أن الاتفاق الأولي الذي وقع مع سورية الخميس ينص على «دخول بلا قيود» وحرية المراقبين في التنقل والاتصال بالأشخاص في إطار تفويضهم. ولدى سؤاله عما إذا كان نشر الدفعة الثانية سيتم إذا صمد وقف إطلاق النار قال فوزي إن الدول الأعضاء «محقة في قلقها في شأن الوضع على الأرض». وشدد على أن المنظمة الدولية «لا تريد وضع رجالنا في مواقف تنطوي على مجازفة لا داعي لها. لكن لنواجه الحقائق. هذا وضع ينطوي على مخاطرة. وقف إطلاق النار هش». وكان بان كي مون الامين العام للامم المتحدة حض مجلس الأمن على الموافقة بسرعة على إرسال البعثة الموسعة، لكنه أكد في الوقت نفسه أن «هذا القرار لا يخلو من المخاطر». وقال بان إن الرئيس السوري لم يوقف العنف ولا يمتثل لمبادرة انان. وأكد للصحافيين أن هناك «معلومات مثيرة للقلق» تفيد أن الحكومة تواصل القمع على رغم الاتفاق على وقف العنف. وحصلت «الحياة» على مشروع قرار غربي في المقابل، يُهدد بفرض عقوبات دولية على النظام السوري في حال عدم تقيد دمشق بتطبيق القرار، كما يشدد على ضرورة تنفيذ الحكومة السورية كامل تعهداتها فوراً بانسحاب جيشها من المراكز السكنية الى الثكنات ووقف اتسخدام السلاح الثقيل وترحكات جنودها. واستبعدت مصار مجلس الأمن طرح أي من المشروعين الروسي أو الغربي على التصويت قبل الثلثاء الموعد المقرر لجلسة الاستماع الى إحاطة من أنان حول تقويمه للتطورات في سورية. واستبقت روسيا الدول الغربية وسارعت الى توزيع مشروع قرار يدعو الى التطبيق الفوري لخطة أنان ونشر بعثة المراقبة في سورية (أنسميس) عملاً بتوصية بان. فيما سعت الدول الغربية الى تضمين أي مشروع قرار التأكيد على تطبيق الحكومة السورية تعهداتها المتعلقة بسحب الجنود والسلاح الثقيل من المراكز السكنية الى ثكناتهم، ووقف تحركات التجمعات العسكرية والجنود فوراً. وانطلقت المشاورات في مجلس الأمن على مستوى الخبراء لمناقشة مشروع القرار الروسي في اجتماع عُقد في مقر البعثة الروسية. وقالت مصادر غربية إن «العمل جار على وضع عناصر مشروع قرار غربي يتناول نشر قوة المراقبين» يضمن مراقبة التزام الحكومة السورية تطبيق خطة أنان بما فيها سحب قواتها الى الثكنات ووقف القصف واستخدام السلاح الثقيل ووقف تحرك جنودها بالكامل». وقالت مصادر المجلس إن الخلاف التكتيكي بين روسيا والدول الغربية والعربية يتناول كيفية نشر المراقبين وإطاره الزمني. وأوضحت أن روسيا «تريد التحرك سريعاً لنشر المراقبين بما يحقق لها مكسباً ديبلوماسياً وميدانياً في أسرع وقت، بينما تحرص الدول الغربية على تأمين الشروط بوقف العنف بكل أشكاله قبل نشر البعثة، ما يضع ضغوطاً أكبر على الحكومة السورية». وشددت فوزي على ضرورة «انسحاب الجيش السوري الى الثكنات». وقال ل»الحياة» في نيويورك «إن الانسحاب طبق بشكل محدود جداً ولا يمكن أن نستمر على هذه الحال». وأضاف «أن الحكومة السورية ترسل إخطاراً بالانسحاب من هنا وهناك لكن ما نشهده على الأرض هو وجود أسلحة ثقيلة في المدن». وحصلت «الحياة» على نص مشروع القرار الروسي الذي يقرر مجلس الأمن بموجبه إنشاء بعثة مراقبة في سورية فوراً ولمدة أولية من 90 يوماً لمراقبة وقف العنف المسلح من كل الأطراف وتطبيق العناصر ذات الصلة في خطة أنان، على أساس التفاهم الأولي الموقع بين الأممالمتحدة والحكومة السورية في 19 نيسان (ابريل). ويقرر المجلس بحسب المشروع أن «أنسميس» ستنفذ «انتشاراً مبدئياً ل 300 مراقب عسكري تابعين للأمم المتحدة مع مكون مدني محدود ومناسب بعد الموافقة عليه في مشاورات مع الحكومة السورية ومجلس الأمن»، بما يتوافق مع اقتراح بان الى مجلس الأمن في رسالته الأربعاء الماضي. ويدعو «الحكومة السورية الى تأمين عملية فعالة لأنسميس من خلال تسهيل الانتشار غير المعوق لعناصرها وقدراتها وفق ما تقتضيه ولايتها، وتأمين حرية تحركها الفورية والكاملة وغير المعوقة وفق ما تقتضيه ولايتها». ويدعو «الأطراف الى ضمان سلامة عناصر أنسميس دون إعاقة حرية تحركها ويشدد على أن المسؤولية الأساسية تقع في هذا الإطار على السلطات السورية». كما يدعو مجلس الأمن «الى الدعم الكامل للتطبيق التام والعاجل والشامل لكل عناصر خطة أنان بنقاطها الست»، و»الحكومة السورية الى تطبيق مرئي لالتزاماتها بكاملها وفق ما تم الاتفاق عليه في أول نيسان». ويشدد على ضرورة «انسحاب الجنود التابعين للحكومة السورية وسلاحها الثقيل من المراكز السكنية الى ثكناتهم لتسهيل وقف العنف». كما يدعو «كل الأطراف في سورية بما فيها المعارضة الى وقف العنف فوراً بكل أشكاله». ويطلب مشروع القرار من الأمين العام «تقديم تقرير فوري الى مجلس الأمن حول أي إعاقة لعمل أنسميس بطريقة فعالة من أي طرف». ويجدد دعوة السلطات السورية الى السماح الفوري لوصول العاملين الإنسانيين الكامل وغير المعوق الى كل السكان المحتاجين المساعدة بما يتوافق مع القانون الدولي»، ويدعو «الأطراف جميعاً» في سورية «، خصوصاً الحكومة السورية الى التعاون التام مع الأممالمتحدة والمنظمات المعنية الأخرى في تسهيل تأمين المساعدة الإنسانية». ويطلب من الأمين العام أن يقدم تقريراً الى مجلس الأمن حول تطبيق هذا القرار «خلال 30 يوماً من تبنيه وكل 30 يوماً بعد ذلك، ولتقديم في حال الحاجة، مقترحاته الى مجلس الأمن حيال ولاية أنسميس وتحديد نطاق عملها قبل انتهاء ولايتها». وفي موسكو، اعتبرت الخارجية الروسية ان عقوبات الاتحاد الاوروبي ضد سورية «غير مقبولة»، بعدما اشار مصدر ديبلوماسي الى عقوبات جديدة يعدها الاتحاد الاوروبي ضد نظام دمشق ومن بينها البضائع الفاخرة التي يشتريها اركان النظام.