سلمان بن سلطان يرعى أعمال «منتدى المدينة للاستثمار»    استعراض أعمال «جوازات تبوك»    أمير نجران يدشن مركز القبول الموحد    المملكة تستضيف اجتماع وزراء الأمن السيبراني العرب.. اليوم    تباطؤ النمو الصيني يثقل كاهل توقعات الطلب العالمي على النفط    البنوك السعودية تحذر من عمليات احتيال بانتحال صفات مؤسسات وشخصيات    توجه أميركي لتقليص الأصول الصينية    إسرائيل تتعمد قتل المرضى والطواقم الطبية في غزة    الجيش الأميركي يقصف أهدافاً حوثيةً في اليمن    المملكة تؤكد حرصها على أمن واستقرار السودان    أمير الشرقية يرعى ورشة «تنامي» الرقمية    كأس العالم ورسم ملامح المستقبل    رئيس جامعة الباحة يتفقد التنمية الرقمية    متعب بن مشعل يطلق ملتقى «لجان المسؤولية الاجتماعية»    وزير العدل: نمر بنقلة تاريخية تشريعية وقانونية يقودها ولي العهد    اختتام معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي    دروب المملكة.. إحياء العلاقة بين الإنسان والبيئة    ضيوف الملك من أوروبا يزورون معالم المدينة    جمعية النواب العموم: دعم سيادة القانون وحقوق الإنسان ومواجهة الإرهاب    «سلمان للإغاثة»: تقديم العلاج ل 10,815 لاجئاً سورياً في عرسال    القتل لاثنين خانا الوطن وتسترا على عناصر إرهابية    العلوي والغساني يحصدان جائزة أفضل لاعب    مدرب الأخضر "رينارد": بداية سيئة لنا والأمر صعب في حال غياب سالم وفراس    ماغي بوغصن.. أفضل ممثلة في «الموريكس دور»    متحف طارق عبدالحكيم يحتفل بذكرى تأسيسه.. هل كان عامه الأول مقنعاً ؟    الجاسر: حلول مبتكرة لمواكبة تطورات الرقمنة في وزارة النقل    الاسكتلندي هيندري بديلاً للبرازيلي فيتينهو في الاتفاق    أجسام طائرة تحير الأمريكيين    ليست المرة الأولى التي يخرج الجيش السوري من الخدمة!    مشيدًا بدعم القيادة لترسيخ العدالة.. د. الصمعاني: المملكة حققت نقلة تشريعية وقانونية تاريخية يقودها سمو ولي العهد    مترو الرياض    الجوازات تنهي إجراءات مغادرة أول رحلة دولية لسفينة سياحية سعودية    "القاسم" يستقبل زملاءه في الإدارة العامة للإعلام والعلاقات والاتصال المؤسسي بإمارة منطقة جازان    قمر التربيع الأخير يزين السماء .. اليوم    ولادة المها العربي الخامس عشر في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية    إن لم تكن معي    أداة من إنستغرام للفيديو بالذكاء الإصطناعي    شكرًا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رجل الرؤية والإنجاز    لا أحب الرمادي لكنها الحياة    الإعلام بين الماضي والحاضر    استعادة القيمة الذاتية من فخ الإنتاجية السامة    منادي المعرفة والثقافة «حيّ على الكتاب»!    ضمن موسم الرياض… أوسيك يتوج بلقب الوزن الثقيل في نزال «المملكة أرينا»    الطفلة اعتزاز حفظها الله    أكياس الشاي من البوليمرات غير صحية    سعود بن نهار يستأنف جولاته للمراكز الإدارية التابعة لمحافظة الطائف    ضيوف الملك يشيدون بجهود القيادة في تطوير المعالم التاريخية بالمدينة    قائد القوات المشتركة يستقبل عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني    المشاهير وجمع التبرعات بين استغلال الثقة وتعزيز الشفافية    نائب أمير منطقة تبوك يستقبل مدير جوازات المنطقة    نائب أمير منطقة مكة يستقبل سفير جمهورية الصين لدى المملكة    الصحة تحيل 5 ممارسين صحيين للجهات المختصة بسبب مخالفات مهنية    "سعود الطبية": استئصال ورم يزن خمسة كيلوغرامات من المعدة والقولون لأربعيني    اختتام أعمال المؤتمر العلمي السنوي العاشر "المستجدات في أمراض الروماتيزم" في جدة    «مالك الحزين».. زائر شتوي يزين محمية الملك سلمان بتنوعها البيئي    5 حقائق حول فيتامين «D» والاكتئاب    لمحات من حروب الإسلام    وفاة مراهقة بالشيخوخة المبكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعارض السوري العباسي يكشف ل«الحياة» تعذيبه في سجن المزه وقصة الجرذان وعمق صلاته بالألباني
نشر في الحياة يوم 17 - 04 - 2012

«قوقعة» جديدة! هذا ما يتبادر إلى ذهن من يشاركه الشيخ السلفي محمد عيد جادالله العباسي ذكرياته في سجن «المزة» و«تدمر»، ومع أن العباسي قضى في السجن مثل مصطفى خليفة بضع عشرة سنة، فإن في هذه الذكريات فرقاً جلياً، هو أن هذه «القوقعة» تنشر باسم صريح هذه المرّة عوضاً عن «قوقعة خليفة» التي نشرت باسم مستعار. هذه التجربة المأسوية في سجون التعذيب «الأسدي» تحت الضرب اليومي والتعذيب والإهانة والجرذان والطعام القذر والروائح الكريهة، تلك التجربة نقشت في قلب العباسي نوعاً من القسوة المضادّة تجاه الجيش النظامي، فهو يرى أن انتزاع الاعترافات من الجيش الأسدي إذا استدعت العنف فلا بأس!
العباسي أكد في أول حوار صحافي له، أن ناصر العمر ووليد الرشودي حضرا مؤتمر نصرة الشعب السوري، الذي دعت إليه رابطة علماء المسلمين، ولم يكن لهما أي دور في فرض أية رؤية على المجتمعين، مشدداً على أن التوصيات متوافقة مع تطلعات الشعب السوري، الذي يرغب في الحريّة ولا ينشد في الوقت الحالي سوى حريته بعيداً عن أي هدف آخر جانبي.
ويعد العباسي أهم تلاميذ الشيخ محمد ناصر الألباني. وتحدث عن علاقته بأستاذه، ورسالته الشهيرة إليه بعد خروجه من السجن. وقال إن أستاذه أوصاه بالحذر، لكنه لم يفعل، إذ ساعد أحد أقاربه، وهي المساعدة التي جعلته يقضي أربع سنوات في زنزانة انفرادية.
في حواره الصحافي الأول (أجرته معه الحياة)، يؤكد أن ثمة خلافات بين علماء السنة قديماً وحديثاً، لكنها لم تقطع التواصل والود بينهم، وكل عليه مآخذ من العلماء، ولكن ذلك لا يمنع من الأخذ بالحق الذي عندهم واحترام اختلاف وجهات النظر.
وهو يؤكد أن جميع «السنة» إلى جانب بقية الشعب السوري يقفون مع الثورة، في حين لا يجد النظام نصيراً له إلا الطائفين في إيران وحزب الله، ويرى أن «الإخوان» على رغم احتوائها بعض الإيجابيات إلا أنها منتقدة بأنها تميل إلى «التساهل والتنازل» مع النظام.
ومن جهة أخرى يؤكد العباسي عدم ثقته في أي نجاح ممكن لخطة أنان، معللاً ذلك بأن نظام بشار لا يعرف خطاً أحمر..
«الحياة» مع العباسي في تجربة مريرة ورؤية حازمة وصارمة لا تقبل بالحلول الوسط في سبيل تحرير الشعب السوري... فإلى الحوار.
أنت عضو مؤسس في مؤتمر الإنقاذ الوطني الذي أطلقتموه في مؤتمر إسطنبول نهاية العام 2011، وأكدتم فيه تصعيد النضال السلمي الديموقراطي الذي أسهمت فيه قوى المعارضة السورية رافضين التدخل الخارجي.. هل تغيّر موقفكم منذ ذلك الحين؟
- الموقف المبدئي هذا لو كان النظام كبقية الأنظمة التي تحترم نفسها وتنصاع لإرادة الشعب وتستجيب لمطالبه. لكن الآن، وبعد أن أعملَ آلة الذبح وأنواع التنكيل ضد الأطفال في باب عمرو، وانتهك أعراض الفتيات الصغيرات، يأتون بسيارات الإسعاف والناس تأمن لها، وإذا بها ممتلئة بالشبيحة! هذا التطور اقتضى تطوير الموقف تجاه النظام.
شكّل المؤتمرون في إسطنبول هيئة وطنية من 25 عضواً من مختلف أطياف المعارضة. بعضهم يرى أن الهيئة ولدت ميتة.. هل هناك أي تطورات جديدة بما يتناسب مع الوضع الراهن؟
- في الحقيقة إن الذي أثر فيها أن الرديف الأكبر كان من الداخل، واجتماع الداخل تم القضاء عليه.
أنتم في الخارج ماذا تفعلون؟
- بعد ذلك اندمجت هيئة الإنقاذ في النشاطات الأخرى، جزء منهم في المجلس الوطني، وجزء مستقلون. وأيضاً تعرّض مؤتمر الإنقاذ لبعض الهزات، فقد قام بعض الأعضاء من الأكراد في الخارج بالمطالبة بأمور غير مقبولة، مثلاً طلبوا حذف "عربية" من جمهورية عربية سورية، بحجة أنهم أكراد ويريدون سورية متعددة الجنسيات، فلم نقتنع فانسحبوا، هل تريد أن تفرض أقلية رأيها على الغالبية؟!
هل ستكون هناك عملية إنعاش لهذه الهيئة؟
- في الحقيقة جرت محاولات عدة، وكما قال رئيس الهيئة هيثم المالح فإن السوريين عاشوا فترة تصحر سياسي، والنظام أقصى كل من عاداه فتشردوا في البلاد، والتواصل صار ضعيفاً، والآن بدأوا التعاون والمناقشة، ومشروع إعادة بناء الدولة ليس بالأمر السهل. صحيح أن هناك خلافات، لكن الكل متفقون على إسقاط النظام، وشكل الدولة بعد ذلك، أي دولة ديموقراطية تعددية.
التصدي لإيران والعراق وحزب الله
عدتم من مؤتمر "نصرة الشعب السوري" الذي أقامته رابطة علماء المسلمين بالتعاون مع هيئة الشام الإسلامية في إسطنبول.. اللافت بين التوصيات إصدار فتاوى وبيانات ودراسات في شأن خطورة المد الشيعي.. أليس في ذلك انحراف عن القضية الأصل؟
- الشعب السوري بمختلف فصائله يتصدى منذ أكثر من عام لخصومه الذين يدعمون النظام، ومنهم إيران والعراق وحزب الله، وما دعمهم إلا لأسباب مذهبية، والنظام السوري طائفي منذ تأسيسه.
ألا يُثير مثل هذا الكلام عن المد الشيعي حفيظة العلويين، خصوصاً أن عدداً لا يُستهان به منهم مناصرون للثورة السورية؟
- نحن نرحب بهم وبشكل عام النظام وظّف الطائفية لمساندته، وفي الحقيقة هذا النظام عائلي، عائلة الأسد استخدمت الطائفة لتكون درعاً لها في محاربة الشعب، ونحن نهدف إلى توعية الناس ونحترم الطائفة العلوية ونحترم حقوقها ولا ننتقصها، ولكن بشرط ألا تصطف وتكون اليد التي يبطش بها النظام.
أكدتم الحرص على الاجتماع والائتلاف والبعد عن التفرق والاختلاف.. ألا تتناقض هذه التوصية مع سابقتها؟ وهل لحضور الشيخين السعوديين العمر والرشودي دور في منحى هذه التوصيات؟
- لا. لم يفرضا شيئاً على التوصيات، ولكننا مقتنعون بأننا نحن السنة الذين هم أكثرية في سورية مظلومون، ونحن نطالب الآخرين بأن يكونوا منطقيين، ألسنا نطالب بالديموقراطية، أي خيار الشعب، وهو أيضاً الوجه الثاني للشورى في الإسلام، ونحن نقول أيدينا ممدودة إليكم، صحيح أننا نختلف في العقيدة، ولكننا نعيش في وطن واحد، كلٌّ يحترم عقيدة الآخر، ولكن المد الرافضي لا يريد أن يعيش بسلام، بل يريد أن يحتل.
الاعترافات إذا اقتضت التعذيب فلا بأس
هل أنت مع تعذيب أفراد من الجيش النظامي لانتزاع المعلومات؟
- أخذ الاعترافات شيء طبيعي ويحاول المحقق الحصول على المعلومات من دون تعذيب، ولكن إذا اقتضى بعض التعذيب فلا بأس وذلك مورس زمن الرسول (ص). طبعاً الضرب من دون حق لا يجوز، ولكن أحياناً المرء يكون بين أمرين إن لم تضربه سيخفي عنك معلومات قد تؤدي إلى هلاكك وهلاك عدد كبير من الناس، فتقدم الضرر لدفع الضرر الأكبر طبعاً من دون تشويه أو كسر فقط إيلام من دون أن يكون مبرحاً، وكما يقول المثل "التلويح بالعصا خير من استخدامها" أي أن التهديد أحياناً يكفي.
مؤتمر نصرة سورية دعا لتسليح الجيش الحر.. ما الكيفية؟
- أن تجمع له تبرعات فيشتري السلاح، وهناك كمية كبيرة من السلاح يشتريها من جهاز الجيش النظامي بسبب فساد إدارته.
كنت من تلاميذ الشيخ محمد ناصر الدين الألباني المقربين جداً؟
- نعم تعرفت على الشيخ الألباني عام 1954، وأنا من تلاميذه، ومنهجه العلمي زاد تعلقي به، فهو بعكس كثير من المشايخ الذين يمنعونك من السؤال والمناقشة، أما هو فكان صدره رحباً، وكنا إن لم نقتنع برأي له لم نأخذه ولم يكن يغضب من ذلك، وهو يذكرنا بالعلماء السابقين مثل الشافعي وغيره، وفي السنوات الأخيرة كنت مرافقه وأيضاً تعاونّا على تأليف عدد من الكتب، مثلاً حين كتب الدكتور محمد سعيد البوطي كتاباً يرد فيه على السلفية طلب مني الشيخ أن أرد عليه فألفت "بدعة التعصب المذهبي"، ثم ملحقه "رسائل الدعوة السلفية"، وشاركت الشيخ في تأليفه. ومنهج الشيخ متحرر من التقليد، فهو لم يكن موظفاً في الدولة، وكان يعمل في إصلاح الساعات، لذا اكتسب الدقة في المنهج، وعلى رغم خلافه مع الشيخ ابن باز إبان حرب الخليج إلا أن الخلاف لم يؤثر في صداقتهما.
هل تواصل معه الشيخ ابن باز حتى بعد خروجه من السعودية؟
- نعم وكان يستشيره في أمور كثيرة، وأنا على علم بذلك كانا رجلين إمامين.
قصة الخلاف مع "إخوان سورية"
في الثمانينات هل استمرت علاقتك بالشيخ الألباني؟
- نعم كنا لا نزال في دمشق في ذلك الوقت، وكان إذا تغيّب عن درس قمت أنا بإلقائه، لكن في الثمانينات ظهرت حركة الطليعة المقاتلة للإخوان وقائدها شاب متحمس هو مروان حديد ولم يتجاوزوا 150 شاباً، وكنا معارضين لها لأنها انتهجت منهج الاغتيال والعنف ضد رؤساء المخابرات، وكان ابن عمي أحدهم وقد رأيته في ما بعد وهذا كان السبب في اعتقالي الأول.
هل لذلك قلت في رسالتك للشيخ الألباني بعد خروجك من السجن "ترسخ لديّ فساد طريق الإخوان"؟ ما وجه الخلاف في تلك المرحلة بينكم و"الإخوان"؟
- كنت محتجاً على ما يفعلون، والنية الطيبة لا تكفي، فالمنهج العقلاني والشرعي مطلوب، وكنا متفقين على ذلك مع الشيخ الألباني.
لعل كثيرين لا يعرفون أنك سجنت لأكثر من 13 عاماً إبان حكم الرئيس حافظ الأسد.. تقول في رسالتك للشيخ الألباني: "لعلك تعتب عليّ وتلوموني على ما سبب لي هذا البلاء وكنت أذكر كلامك في هذا وتوصيتك لي بالاحتراز"؟
- نعم طلب مني ابن عمي الهارب منذ ثلاث سنوات ونصف السنة طعاماً ومالاً فساعدته، فأتى الأمن إلى منزلي وتم اعتقالي بسبب مساعدتي له، على رغم عدم اقتناعي برأيه وعدم مشاركتي له، لكنهم يعدون ذلك مشاركة له ويأتون بعائلته كلها وهذا إرهاب فظيع لذا قامت الثورة.
17 فرعاً للمخابرات في سورية
ثم دخلت السجن لثلاثة أيام أليس كذلك؟
- نعم، ثم تم إطلاقي.
كان الشيخ الألباني نصحك بالهروب.. هل حاولت ذلك؟
- نعم بواسطة أحد الإخوة، وهو الصديق زهير الشاويش صاحب مكتبة إسلامية معروفة، وكنت أرغب في الذهاب إليه لكن أحدهم أخبرني بأن المخابرات السورية اختطفته من لبنان إلى سورية معتقلاً، هذا نظام إرهابي، ويظن بعضهم أننا نبالغ. انظري ماذا فعلوا بابنة الشيخ علي الطنطاوي وكيف تم اغتيالها في ألمانيا.
ومن ثم كيف عدت للسجن؟
- جاء فرع آخر للمخابرات مساء وتم اعتقالي مرة أخرى. ففي سورية 17 فرعاً للمخابرات!
وأين سجنت؟
- في سجن المزة وهو مشهور بسمعته السيئة ويقع في منطقة جبلية، وكان أمراً لا يطاق، إذ بقيت في زنزانة انفرادية أربع سنوات كاملة عدا الضرب اليومي والتعذيب والإهانة والجرذان والطعام القذر والرائحة الكريهة، وهناك ثقوب كانوا يقومون بمراقبتنا منها، وقد فكرت في الانتحار مرات عدة واستخرت الله ولم يشرح صدري للفكرة.
ما أساليب التعذيب التي كانت تستخدم؟
- الضرب بالسياط حتى تتورم قدماك، ولا يكفون عن ضربها وخلع الملابس والتهديد بالاغتصاب فلا أخلاق لديهم.
كم كانت مساحة السجن؟
- مساحة السجن كبيرة، فهناك قسم للزنازين به نحو 30 زنزانة، وقسم للمهاجع طبعاً ظلام دامس، وبقيت مرة من دون حمام لأربعة أشهر حتى اتسخت ملابسي وتمزقت، وحتى إن ذهبت للحمام عليك أن تنتهي في خمس دقائق فالعسكري على رأسك.
التلاوة والصيام والصلاة ممنوعة في سجون الأسد
ماذا عن الصلاة وقراءة القرآن؟
- بالطبع كان هذا ممنوعاً، ومرة كنت أتمتم بفمي فتم إخراجي وتعذيبي، وفي رمضان حتى يمنع الصيام يمرر علينا إبريق لنشرب جميعاً بالقوة.
من كان أيضاً في السجن؟
- "الإخوان" وبعثيون مناوئون للحزب من اليسار واليمين ومن جماعة "فتح".
متى نقلت لمهجع مع آخرين؟
- بعد أربعة أعوام، وقد بهرني الضوء العادي ولم أستطع فتح عينيَّ، فقد كنت أعيش في ظلام دامس، وكان ذلك في العام 1980 حتى 1984، ولم نسمع حتى بأحداث حماة فقد كنا منقطعين عن العالم تماماً، عدا خبر واحد نقلوه لنا حين قتل السادات شماتة بنا، مع أن الأمر لا يهمنا! ومن ثم تم نقلي إلى مهجع آخر في سجن آخر هو سجن تدمر السيئ السمعة.
كيف كان المهجع في سجن تدمر؟
- المهجع صغير جداً، وكنا نحو 130 سجيناً، وكان يكلف أحد السجناء بأن يكون رئيس المهجع فيقسم لكل واحد منا مساحة بالشبر للنوم، وفي الأسقف فتحة للرقابة، فالكلام ممنوع تماماً، والتقلب أثناء النوم ممنوع، وإن فعلت فالعقاب شديد، وفي الصيف الحر شديد، وأذكر في عام 1985 كان الحر شديداً وتصبب العرق منا في السجن حتى شكّل أنهاراً تحتنا، فلا تكييف ولا تهوية عدا انتشار الأمراض والجرب.
ماذا عن الإعدامات؟
- كنا نعيش في رعب تام، فقد كانوا يقتحمون المهجع أحياناً في منتصف الليل لتنفيذ أحكام الإعدام، وكانوا يمسكون معهم الحبال من أجل الشنق، ويفعلون ذلك وهم يضحكون وكنا نسمعهم وهم يتبادلون القصص حول المعدومين وكيف خاف بعضهم وكذا وكذا، وكانوا أحياناً يبدأون تنفيذ الإعدامات من التاسعة مساء حتى الثامنة صباحاً تباعاً وفوداً وفوداً.
محاكمة لم تستغرق أكثر من دقيقة
ماذا عن التحقيق معك؟
- حققوا معي حين دخلت ثم بقيت 12 عاماً سجيناً من دون تحقيق أو محاكمة، وبدأت محاكمتي قبل خروجي بستة أشهر وكانت مهزلة، فالمحاكمة دقيقة لا أكثر وكنا مغمضي الأعين ونجلس على الأرض وتدمر في شباط (فبراير) باردة جداً، إذ إنني تبولت مرة على نفسي، فلا تستطيع أن تطلب شيئاً أو تنظر في عين السجان فتلك جريمة.
وماذا كانت التهمة؟
- في المحكمة لم يذكر شيء عن قصتي مع ابن عمي، بل سئلت حول كتابي في الرد على البوطي ولماذا فعلت ذلك، وحقيقة صرت أفكر أن للبوطي علاقة بسجني كونه موالياً للنظام وليس بعيداً، إضافة إلى التعذيب الشديد في الزنزانة الانفرادية لأربع سنين.
زيارة وحيدة من الأم والأخوات
هل استطاع أهلك زيارتك خلال تلك المدة؟
- مرة واحدة فقط رأيت زوجتي وأبنائي عن طريق وساطة لزهير الشاويش، فقد خرج فور اعتقاله كونه يحمل الجنسية القطرية وكان صديقاً لأمير قطر السابق فتوسط له فخرج، وحين عقدت قمة عربية في ليبيا رأى الرئيس حافظ الأسد فزاره في فندقه وأخبره عن وضعنا في السجن وضرورة مراعاة أسرنا وإنهاء هذا الملف فوعده خيراً إن زاره في البلد، وبناء على هذا الوعد جاء زهير إلى سورية وطلب مقابلتي وكان ذلك سنة 1989، وبعدها زارتني زوجتي وأمي وأخواتي وأخبرنني بأن والدي توفي في تلك الفترة، بعدها زاد علينا التعذيب كثيراً في العام ذاته، إذ إن أمراً حدث في الخارج فانتقموا من المساجين.
بعد خروجك ماذا فعلت؟
- حاولت العودة لعملي في التدريس لكن الأمر كان مستحيلاً، إذ منعت من حقي في العمل والتقاعد ووكلت صديقي المحامي هيثم المالح، وسجن هو أيضاً من قبل سبعة أعوام، حينها أرسلت رسالة خطية مع أحدهم للشيخ الألباني، وبعد جهد حصل لي المالح على جواز سفر وهوية فسافرت برفقة زوجتي إلى الأردن للقاء الشيخ الألباني رحمه الله.
هل تذكرت نصيحة الشيخ الألباني لك؟
- نعم فقد قال لي قبل سجني كن حذراً، لكن لم أظن أن لقاء بقريبي سيودي بي إلى السجن، ولكن كما قال الشاعر وتقدرون فتضحك الأقدار!
مآخذ على العرعور لكنه محق
نعود للملف السوري الراهن.. شكك الشيخ عدنان العرعور بجدية عمل المجلس الوطني ما رأيك في ما قال؟
- الشيخ يشكر على بثه الحماسة بين الجماهير، ولكن عليه مآخذ مثل غيره، وهناك أمور أختلف معه فيها وناقشته ورددت عليه، وقد قلت له إن كلامه عن المجلس الوطني يضر بالقضية ويشمت بنا النظام، لكن في الحقيقة رأيت أن هناك أموراً هو محق فيها، فهناك تقصير يعترف به حتى رئيس المجلس برهان غليون، وأيضاً هناك أعضاء قالوا لنا عن تجاوز كبير، فليست هناك مشورة وهناك استبداد بالرأي.
لكن استطاع غليون أن يجعل العالم يعترف بالمجلس ممثلاً شرعياً للشعب السوري؟
- ليس الممثل الأوحد ولا مانع لدينا، ولكن يجب أن يكون على قدر المسؤولية.
ما رأيك في تصريح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي حول انتقال "القاعدة" من العراق إلى سورية؟
- نقول له هات دليلك! ثورة الشعب السوري تدعو إلى إحقاق الحق والحرية والكرامة والعدالة، و"القاعدة" ليست كذلك، وهذه الثورة ليست من أجل إقامة دولة إسلامية، بل من أجل إعطاء الحرية للناس، ثم عن طريق ذلك إن اقتنع الناس بالدولة الإسلامية وإلا لا نريدها، وثورتنا سلمية والنظام هو الذي اضطر الجيش الحر للخروج والتطوع للدفاع عن المدنيين.
وثيقة "الإخوان" والهوية الإسلامية
الوثيقة التي أطلقتها جماعة الإخوان المسلمين في إسطنبول الشهر الماضي كيف تنظر إليها مع العلم أن بعضهم يراها أبرز ما تقدمت به جماعة سياسية على الصعيد السياسي والفقهي؟
- هناك نقاط إيجابية نتفق معهم فيها، لكن نرى أن هناك تساهلاً وتنازلاً.
تقصد المساواة بين الرجال والنساء؟
- يجب ألا ننبطح إلى هذه الدرجة.
ألا تراه تطوراً في الفكر؟
- لا أعلم إن كانوا مقتنعين بها أم لا، ولا مانع من طرح هذه الوثيقة الآن، ولكن بعد انتصار الثورة يجب العودة لمبادئنا، حق المواطنة والتعددية وفصل السلطات نقاط مشتركة.
إذاً ما وجه الخلاف مع ما طرحه "الإخوان" في هذه الوثيقة؟
- يجب أن يكون هناك شيء من الهوية الإسلامية، يعني أضعف الإيمان لم يقولوا إن الإسلام أحد مصادر التشريع.
هل لكم علاقة بشباب التنسيقيات؟
- نعم وإلا كيف نبعث لهم التبرعات.
في ما يتعلق بالتبرعات نشرت "الغارديان" البريطانية أن السعودية تغض الطرف عن التبرعات الفردية لتسليح الجيش؟
- هذا موقف تشكر عليه السعودية وهو موقف إنساني، وقد قابلت قبل نحو شهر مع وفد من العلماء مفتي السعودية وشاركنا الرأي، وطلبنا منه نقل ذلك للمسؤولين، فنحن إخوة والواجب الأخوي ألا تشاهد أخاك يذبح ولا تفعل شيئاً، ولكن نحن نعذر المملكة لأن هناك أوضاعاً دولية وارتباطات مختلفة.
خطة أنان لن تنجح
هل تتوقع لخطة المبعوث الدولي كوفي أنان النجاح؟
- لا أعتقد، لأن هذا النظام أغلق على نفسه الطرق، ومن أراد أن ينجح كان عليه أن يقدم تنازلات منذ البداية، كان من الممكن القبول إذا كان ذلك في بداية الحوادث في درعا ولكن ليس بعد قلع أظافر الأطفال وما حدث.
لكن دمشق أعلنت أن معركة إسقاط الدولة انتهت بلا رجعة؟
- أولاً الهدف ليس إسقاط الدولة بل النظام، نحن نريد أن نبعد هذه العائلة عن الدولة.
ماذا عن المراقبين الدوليين؟ يرى بعضهم أن وجودهم سيصعب على دمشق التنصل من بقية الاستحقاقات الخاصة بالإفراج عن المعتقلين السياسيين ومنح حق التظاهر السلمي؟
- هذا النظام يملك من الحيل والأكاذيب والمراوغة بحيث يفسد كل تدخل، وهو يسير في طريق الانهيار شيئاً فشيئاً، فالجيش الأسدي تعب والنظام يعاني العزلة والضغط الدولي.
نظام بشار لا يعرف خطاً أحمر
هل ما يقال عن حالات الاغتصاب الجماعي للنساء والرجال صحيح؟
- نعم صحيح، والذي يعرف هذا النظام يعرف أن لا خط أحمر لديه، وقد دخلوا المسجد الأموي في 1965 وقتلوا الناس على المنبر، فليس لديهم وازع أخلاقي على الإطلاق، وهناك أسماء تعلن من التنسيقيات عن حالات الاغتصاب.
هل تعتقد بأن النظام السوري سيسقط؟
- تضخم الجهاز الأمني وبشكل مرعب وإفقار الناس من أجل إشغالهم بالمعاش اليومي، ووصل الأمر إلى ضيق لا يحتمل وتقسيم المجتمع إلى حزبي له كل الميزات وغير حزبي ليس له شيء، حتى في الدرجات الجامعية وهكذا نظام لا مستقبل له ولا بد أن يسقط.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.