كثيراً ما نسمع ان هناك غذاء يملك مشعراً سكرياً عالياً، وآخر يملك مشعراً منخفضاً، وثالثاً يتمتع بمشعر سكري يقع بين الإثنين، فما هي قصة هذا المشعر؟ القصة ان الباحثين أرادوا تصنيف الأطعمة وفقاً لسرعتها في رفع مستوى السكر في الدم خلال الساعتين التاليتين لتناول الطعام، ومعرفة هذا المشعر له أهمية كبيرة خصوصاً لمرضى الداء السكري من أجل معرفة ماذا يأكلون من الأغذية للسيطرة على سكر الدم وتجنب المضاعفات. ان المبادرين الى استعمال المشعر السكري فريق من الأطباء بقيادة الدكتور ديفيد. ج. جينكينز من جامعة تورونتو الكندية. فكل طعام يملك مشعراً يقع بين صفر و 100، والمرجع الذي تتم مقارنة الأطعمة معه هو سكر الطعام الذي يبلغ المشعر السكري فيه الرقم 100، وهو المعتمد في الدول الأوروبية، اما في الولاياتالمتحدة، فالمرجع هو الخبز الأبيض الذي يملك مشعراً سكرياً أقل من سكر الطعام. وبناء على أوردناه اعلاه تصنف الأطعمة ثلاث مجموعات: الأولى تضم الأطعمة التي يكون مشعرها السكري دون 55 وتشمل هذه: غالبية الفواكه الطازجة والخضروات الخضراء، والحبوب وفول الصويا والشوكولاتة الداكنة الغنية بالكاكاو، والحليب ومشتقاته والبيض والزبدة والمكسرات واللحوم وثمار البحر. المجموعة الثانية تنضوي تحت لوائها الأغذية ذات المشعر السكري المتوسط الذي يقع بين 56 و 69، ومن بين هذه الأغذية: المنتجات المحضرة من الحبوب الكاملة، والموز والفواكه الجافة والبطاطا المسلوقة في الماء او على البخار. المجموعة الثالثة التي تجمع تحت سقفها الأطعمة ذات المشعر السكري العالي الذي يصل الرقم 70 وما فوق، وتشمل: الخبز الأبيض ونخالة الشوفان والرز الأبيض والذرة والبطاطا المقلية والبطاطا في الفرن والمقرمشات (الشيبز). واصابع الشوكولاتة. والجزر والمانغا والمربيات والبطيخ. وكلما كان المشعر السكري للطعام عالياً ساهم هذا في رفع مستوى السكر في الدم سريعاً بعد تناوله، ومعرفة هذا الأمر مهمة جداً للسكريين من أجل مراقبة وجباتهم عن كثب وفقاً لمتطلباتهم من الأغذية، خصوصاً ان السكاكر لا يقتصر وجودها على الأغذية ذات الطعم الحلو، فهناك طائفة واسعة من الأطعمة التي تحتوي على السكر مثل الخبز الأبيض والكعك والحبوب والأرز والمقرمشات والمعجنات والبطاطا والذرة والبقوليات والفواكه والعصائر والحليب. وفي شكل عام يمكن القول ان السكريات التي تتحلل بسرعة في أنبوب الهضم تعطي قيماً مرتفعة للمشعر السكري، في حين ان السكريات التي تتفكك ببطء في جهاز الهضم تعطي قيماً منخفضة للمشعر السكري. على المصاب بالداء السكري ان يعتمد أكثر على الأغذية ذات المشعر السكري المنخفض، مع تقليص كمية الأطعمة ذات المشعر السكري العالي لأن الأخيرة تميل الى خفض مستوى سكر الدم بعد حين من هضمها، وفي حال استهلاك أطعمة ذات مشعر سكري مرتفع يجب إشراكها مع الأطعمة ذات المشعر السكري المنخفض. والمشعر السكري لا ينفع السكريين فقط بل بات يطبق في برنامج تخسيس الوزن لتسهيل مهمة طرد الكيلوغرامات الزائدة في الجسم عن طريق تقنين الأطعمة التي تسبب البدانة وترفع مستوى السكر في الدم، ويتم تطبيق برنامج التخسيس بتناول أغذية تتمتع بمشعر سكري منخفض يساعد في جعل مستوى السكر في الدم متدنياً، وبالتالي فإن هذا يقلل من تحويل السكر الى دهون حتى ولو تناول الشخص أغذية غنية بها، اي بالدهون. أيضاً ينفع المشعر السكري في خطة التغذية المعدة للرياضيين، فهو يعتبر وسيلة ممتازة لضبط مستوى السكر في الدم، فمثلا الرياضي الذي ينخفض عنده مستوى السكر في الدم عند البدء بممارسة الرياضة يوصى بقوة ان ينهل أطعمة ذات مشعر سكري عال لمنع حصول هذا الانخفاض في السكر. في المقابل، ومن اجل المحافظة على مستوى السكر في الدم خلال المثابرة في النشاط الرياضي الذي يدوم ساعات قليلة، ينصح بتناول الأغذية ذات المشعر السكري المنخفض. عدا هذا وذاك، ينصح الناس بتناول الأغذية ذات المشعر السكري المنخفض قبل الركون الى النوم من أجل تفادي التقلبات في مستوى سكر الدم خلال فترة النوم والتي غالباً ما تكون سبباً في الاستيقاظات المتكررة عند الكثيرين. على صعيد آخر أفادت الأبحاث بأن اعتماد نظام غذائي يعج بالأطعمة ذات المشعر السكري العالي يرغم البانكرياس على تلبية الطلب بطرح المزيد من هرمون الأنسولين لمواجهة مستوى السكر المرتفع في الدم، ولكن تكرار هذا السيناريو يومياً يؤدي الى نشوء مقاومة على هرمون الأنسولين فلا يستطيع هذا ضبط السكر الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه أمام الإصابة بالداء السكري النوع الثاني. كما ان الكميات الفائضة من الأنسولين الجائلة في الدم تسبب بلبلة على أصعدة عدة، إذ تساهم في رفع أرقام التوتر الشرياني، وتزيد من مستوى الشحوم في الدم، وتخفض مستوى الكوليسترول الجيد، وكل هذه الاضطرابات تعمل على تأجيج خطر التعرض للأمراض القلبية الوعائية. لذا من المهم جداً اعتماد الأغذية ذات المشعر السكري المنخفض بهدف الحماية من الداء السكري والأمراض القلبية الوعائية. ومن الجدير ان نذكر ان الأغذية المنخفضة المشعر السكري تساهم في قمع الجوع وإثارة الشبع لمدة طويلة، وذلك على عكس الأغذية المرتفعة المشعر السكري التي ما ان يأكلها الشخص حتى يطلب المزيد من الأكل بعد فترة وجيزة. في المختصر، ان المشعر السكري للأطعمة يعتبر وسيلة مهمة للتحكم بمستوى السكر في الدم، ولكن علينا ان نعرف ان هناك عوامل كثيرة يمكنها ان تؤثر في شكل أو في آخر، على المشعر السكري لطعام ما، وهذه العوامل هي: 1- فترة الطبخ، فكلما زادت مدة طهو الطعام زادت قيمة مشعره السكري، والسبب يرجع الى تحول السكريات المعقدة الصعبة الامتصاص الى سكريات بسيطة سريعة الامتصاص، فمثلاً الجزر الذي يطبخ لمدة 10 دقائق يملك مشعراً سكرياً أعلى من آخر يطبخ لمدة 5 دقائق. 2- درجة نضج الفاكهة أو الخضار، اذ كلما توغلت الفاكهة أو الخضار في عملية النضج زادت قيمة المشعر السكري فيها، فمثلا الدراق الناضج يكون مشعره السكري أعلى من شقيقه الدراق غير الناضج. 3- الألياف الغذائية، ان غزارة الألياف المنحلة في الغذاء (كالبكتين) والألياف غير المنحللة (السيللوز) تطيل فترة هضم الطعام ما يقلل من مشعره السكري. 4- تكرير الطعام، ان المداخلات التي تجري على الطعام من شأنها ان تحدث ارتفاعاً في المشعر السكري لهذا الطعام. 5- خلط الأطعمة، ان المزج بين الأغذية البروتينية والنشوية والدهنية يعمل على خفض المشعر السكري.