اعتبر رئيس «جبهة النضال الوطني» النائب وليد جنبلاط أن «أي تسوية سياسية مع النظام السوري ضرب لمسيرة التضحيات»، ورأى في موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الصادرة عن «الحزب التقدمي الاشتراكي» ينشر اليوم، أن «التضحيات الهائلة التي قدمها الشعب السوري بدمائه وعرقه وعذاباته وقهره أدت إلى بناء إجماع متواضع لكن مهم في مجلس الأمن لإرسال مراقبين دوليين ولبدء تنفيذ خطة المبعوث العربي الدولي كوفي أنان»، مؤكداً أنه «استلزم بناء هذا الإجماع سقوط ما يزيد على عشرة آلاف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والمفقودين والمخفيين والمعتقلين السياسيين». ونبّه جنبلاط إلى أن «الغرق في التفاصيل اللوجستية لهذه المبادرة أو تلك والابتعاد من خريطة الطريق الأساسية التي رسمتها مبادرة جامعة الدول العربية المرتكزة على تنفيذ حل انتقالي سلمي للسلطة بما يتيح إخراج سورية من سيطرة الزمرة الحاكمة منذ ما يزيد على أربعة عقود ستكون نتائجه كارثية»، مضيفاً «إن أي تفكير بتسوية سياسية مع النظام الحالي هي بمثابة ضرب لكل مسيرة التضحيات التي تعمدت بدماء الأطفال والنساء من مختلف المناطق السورية وهي اعتراف غير مباشر من قبل المجتمع الدولي بأن التغاضي عن إقرار الحقوق السياسية المشروعة للشعوب ممكن طالما أن الديكتاتوريات تمارس القمع والقتل». وتطرق جنبلاط إلى التطورات التي تشهدها مملكة البحرين والسودان، فقال: «كم كان من المناسب لو تم تأجيل ألعاب سباق السيارات السريعة المقررة في المملكة تماشياً مع المناخات الناشئة في ذلك البلد على خلفية النزاع السياسي القائم والذي لا سبيل لحله إلا على قاعدة الحوار والإصلاح السياسي والمشاركة الجماعية في الإدارة السياسية». وتابع: «أما في السودان، فيبدو أن لعنة النفط تفعل فعلها وتطغى على الحوار والمصالحة بين الشمال والجنوب، فبدل الاتفاق على تقاسم الثروة النفطية سلمياً من أجل شعوب السودان، ها هي الحرب مجدداً تطل برأسها لتقضي على أي أمل ببناء مرحلة جديدة من الاستقرار بعد سنوات من الحروب». وسأل عن «موعد الإطلالة المرتقبة للربيع العربي على النظام اللبناني للتخلص من الطائفية السياسية وبناء دولة عصرية لا تمييز فيها بين المواطنين على قاعدة الانتماء المذهبي أو الطائفي بل مساواة تامة في الحقوق والواجبات»، معتبراً أن «هذا هو الإصلاح الحقيقي المنشود منذ سنوات من قبل السواد الأعظم من اللبنانيين وليس بعض الشعارات في القوانين الانتخابية التي لا تهدف سوى إلى الإقصاء والإلغاء في ظل لحظة سياسية شديدة الحساسية على المستوى الإقليمي والمحلي». وتمنى أن «تتم معالجة مشاكل الناس وقضاياهم المطلبية الملحة بدل إدخال البلاد في حفلة من المزايدات السياسية التي لا تقدم ولا تؤخر»، وقال: «مع ارتقاب الوصول الميمون للأساطيل الكهربائية، نتطلع إلى وضع دفتر شروط بمواصفات عالمية لبناء معامل كهربائيّة جديدة، ولمعالجة جذرية للأغذية والأدوية الفاسدة من خلال رفع الغطاء عن جميع المتورطين في هذه الفضائح وملاحقتهم من دون هوادة أمام المراجع القضائية والرسمية المختصة»، مشدداً على أن «قليلاً من التواضع السياسي مطلوب من القوى السياسية لإنجاز ملفات عالقة منذ فترات طويلة، وهذا أهم من طرح شعارات فضفاضة كالنسبية من هنا، والإصلاح من هناك». وسأل جنبلاط عن «صحة المعلومات التي تحدثت عن وجود ما يزيد على سبعمئة مليون دولار لدى بلدية بيروت؟»، وقال: «إذا كان هذا صحيحاً، لماذا لا تستخدم البلدية هذه الأموال لاستملاك المواقع والأبنية التراثية في العاصمة بما يتيح الحفاظ عليها والحيلولة دون هدمها لاستبدالها بناطحات السحاب التي تكاد تلامس السماء؟». وكان عضو الجبهة النائب أكرم شهيب مثّل جنبلاط في احتفال في عاليه، وقال في كلمة له في المناسبة إن «التباينات بلغت حد الانقسام، فترانا في الحكومة الواحدة، كما في مواقعنا السياسية، نختلف حتى على أمن الحدود»، وأضاف: «إذا كنا جميعاً نؤمن أن عدونا واحد وهو إسرائيل، فهذا لا يعني أن ننأى عن أمن حدودنا الشمالية والشرقية مع سورية، وأن ننأى عن استباحة هذه الحدود، من جيش النظام السوري الذي يمارس القتل من دون أن يرف له جفن، وها هو منذ أيام يعدم صحافياً لبنانياً وقبله عشرة لبنانيين داخل الحدود اللبنانية، وبوقاحة ينكرون، ويخطف شيخاً كبيراً منذ سنة من عاليه وينكر». وزاد: «إن كنا نصر على أن عدونا ليس هناك، فإننا نطالب البعض الذي ينحاز إلى هذا النظام القاتل، بأن ينحاز إلى الوطن».