هاليفاكس (كندا)، باريس - أ ف ب - استذكرت مناسبات ومراسم عبر العالم مرور مئة سنة على غرق سفينة «تايتانيك» الشهيرة بمشاركة احفاد للضحايا. وبدأت مراسم إحياء ذكرى غرق السفينة الضخمة في هاليفاكس في كندا من حيث أبحرت السفن لانتشال الجثث من مياه الاطلسي الجليدية، وحيث دفن 150 ضحية من ضحايا «تايتانيك» ال1514. وشكّل إحياء الذكرى المئوية الاولى لهذه الكارثة حدثاً عالمياً مع فنانين وعلماء ومتاحف حضروا منذ اشهر طويلة لنشاطات في بريطانيا وكندا وإرلندا الشمالية والولايات المتحدة. فبعد قرن على حادث اصطدام «تايتانيك» المأسوي بجبل جليد، وصل اكثر من 1700 راكب على متن السفينتين «بالمورال» من ساوثمبتون و «ازامارا جورني» الى موقع الغرق حيث استعادوا جزئياً ما حصل فعلاً في تلك الليلة المشؤومة. كما أزيح الستار عن نصب تذكاري يحمل أسماء ضحايا السفينة، خلال مراسم أقيمت أمس في بلفاست حيث كانت السفينة الأسطورية قد بنيت. وللمرة الأولى، يشمل نصب تذكاري جميع أسماء الركاب وأفراد الطاقم وأعضاء الفرقة الموسيقية الذين كانوا على متن السفينة. وتأتي الأسماء بحسب التسلسل الأبجدي، من دون أي تمييز عل أساس الدرجات التي كان يسافر وفقها هؤلاء الركاب. وتقول العالمة الكندية هنرييتا مان التي كرست اربع سنوات من الابحاث لسفينة «تايتانيك» انه بعد عشرين الى ثلاثين سنة، لن يبقى من السفينة العملاقة التي تنهشها البكتيريا «إلا كومة من الصدأ». وسمحت البعثة العلمية البحرية الكبيرة في العام 1991 بأخذ عينات من نتوءات على شكل مكعبات ثلج نبتت على هيكل السفينة الضخمة وسميت «راستكيل». وحصلت مان، عالمة الأحياء والجيولوجيا في جامعة دالهوسي في هاليفاكس (شرق)، على نماذج منها من معهد بيدفورد لعلم المحيطات ودرستها بالمجهر الالكتروني. وتبين لها أنها غير ناجمة عن تفاعلات كيماوية أدت إلى إصابة الفولاذ بالصدأ بل عن عملية بيولوجية مع أن النتيجة النهائية تشبه قليلاً الصدأ الكلاسيكي. وتفصيلاً، تقوم بلايين البكتيريا من عشرين نوعاً مختلفاً ب «قضم» الفولاذ وتحويله الى بلّورات حديد داخل جهازها العضوي وخارجه. وهذه البكتيريا لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة اذ يبلغ طولها 1,6 ميكرومتر، وتتكاثر وتعمل بسرعة كبيرة. وتقول هنرييتا مان: «تايتانيك عبارة عن 50 ألف طن من الفولاذ ولا اعرف بالتحديد سرعة هذه العملية». الا أنها تقارن بعناية المشاهد التي صورها باحثون غاصوا إلى مكان الحطام، على عمق 3800 متر وتحاول تقويم تطورها. وتضيف: «في غضون عشرين الى ثلاثين عاماً لن يبقى إلا كومة من الصدأ». وفي سياق متصل، بات في الإمكان الآن الغوص «سياحياً» الى حطام تايتانيك، والتمتع بالمنظر وما بقي من السفينة، الا انه في العام 1985 احتاجت مهمة تحديد موقع حطام السفينة الضخمة على عمق أربعة آلاف متر تقريباً الى تكنولوجيا متطورة والى شهرين من عمليات البحث المكثفة. ويوضح المعهد الفرنسي للبحث واستشكاف البحار (ايفريمير): «كان ذلك عائداً إما إلى أن منطقة البحث، لم تحدد في شكل جيد أو لأن الوسائل المستخدمة لم تكن متكيفة مع المهمة». وفي 1982 و1983 فشلت مهمتان من هذا النوع، مع أن الاجهزة التي استخدمت فيهما كانت الافضل في تلك الفترة. وبعد ذلك ابتكر معهد ايفريمير في عام 1984 جهاز سونار بالغ الدقة سمي «سار» (نظام صوتي مقطور) يهدف الى استكشاف أعماق المحيط. واهتم المعهد الذي كان يريد ان يتأكد من ان الجهاز قادر على العمل على عمق كبير، يومها بسفينة «تايتانيك» التي يرقد حطامها على عمق 3600 الى اربعة آلاف متر ويصلح جيداً للتجارب. فاتصل المعهد بنظيره الاميركي معهد علوم المحيطات «وودز هول» ووحّد المعهدان جهودهما وخبراتهما للعثور على حطام السفينة الاسطورية. وبعدما حددا منطقة البحث على مسافة 750 كيلومتراً جنوب شرقي سان بيار وميكليون، انطلقت بعثة ايفريمير في العاشر من تموز (يوليو) 1985 على متن سفينة «سوروا» التي انزلت الى المياه جهاز «سار» المجهز بآلة مغناطيسية صممتها مفوضية الطاقة الذرية. وفي كل عملية مرور كان جهاز «سار» يمسح شريطاً عرضه كيلومتر واحد بفضل موجاته الصوتية. وفي الاول من ايلول (سبتمبر) 1985، قبل خمسة ايام قبل انتهاء المهمة، رأى المهندس جان لوي ميشال، من معهد ايفريمير، على شاشته صورة جهاز تدفئة ضخم عائد إلى «تايتانيك».