استعاد اللبنانيون أمس الذكرى ال37 لحربهم الأهلية بكثير من القلق في ضوء المشاحنات السياسية المتصاعدة داخلياً والأحداث الأمنية في سورية التي ترخي بثقلها على الداخل اللبناني وتزيد من هواجسه، وهي انعكست في مواقف لمسؤولين لبنانيين شددت على أهمية الوحدة الوطنية والاتعاظ من الحرب والابتعاد عن الرهانات الخاطئة. وترافقت الذكرى مع مباشرة حافلة بديلة من «بوسطة عين الرمانة» (تعرضت لإطلاق نار في 13 نيسان/ أبريل 1975 ما اعتبر الشرارة الأولى للحرب)، جولتها في بيروت والمناطق حاملة أرشيف الحرب ليكون شاهداً عليها، وهو مشروع تنظمه جمعية «أمم للتوثيق والأبحاث» بهدف تعزيز السلم الأهلي. وكانت محطتها الأولى محلة السوديكو المنطقة التي تحولت على مدى 15 سنة إلى خط تماس. ودعا رئيس الجمهورية ميشال سليمان اللبنانيين في الذكرى، إلى «التوقف ملياً عندها والتبصر بمضامينها ومعانيها، وأن يكون استذكارها لاستخلاص العبر مما تؤدي إليه الصراعات والخلافات عندما تتجاوز سقف المصلحة الوطنية إلى لعبة المحاور والمصالح السياسية والآنية والمكاسب الخاصة». وإذ لفت في موقف وزعه المكتب الإعلامي في القصر الجمهوري، إلى «أهمية الاستقرار الذي ينعم به لبنان في خضم التوتر والغليان الذي تشهده المنطقة أمنياً وسياسياً»، أمل في «أن يعي اللبنانيون أهمية التفاهم الداخلي على الثوابت الوطنية الأساسية وأن يبقى الاختلاف حيال أي موضوع ضمن الأطر الديموقراطية والدستورية لأن لا قيامة حقيقية للدولة التي يصبو إليها اللبنانيون إلا بالتزام الدستور الضامن الوحيد للوطن ولأبنائه». ورأى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في تصريح في المناسبة، أن المناسبة «تحمل في ذاكرتنا جروحاً تدفعنا إلى دعوة جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وتوجهاتهم إلى التلاقي على كلمة سواء تحفظ وطننا». وقال: «الاتعاظ من عِبر الذكرى يكون بالحوار الجدي والتلاقي بين بعضنا بعضاً للبحث في أفضل السبل لدرء الأخطار عن لبنان، لا سيما في ظل الأحداث الأليمة التي تشهدها المنطقة، وحمايته من التجاذبات الإقليمية والدولية التي حذرنا دائماً من انعكاساتها السلبية على الوحدة الوطنية، والابتعاد عن الدخول في أية رهانات خاطئة دفعنا جميعاً أثماناً غالية بسببها في السابق، ولا نزال نجهد للتخلص من تداعياتها على واقعنا ومستقبلنا». وأكد أن «التعاون الصادق والمنفتح بين كل مكوّنات المجتمع اللبناني وحده يؤمن الشراكة الوطنية الكاملة والحقيقية ويقوي دعائم الدولة ويحصّن وطننا في وجه الأخطار». واعتبر الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري أن «مرور 37 سنة على انطلاق شرارة الحرب الأهلية، يجب أن يشكّل حافزاً قوياً لكل المخلصين في لبنان، لكشف القناع عن السياسات التي تهدد السلام الوطني وإرادة العيش المشترك بين اللبنانيين، وهي سياسات تتخفى، مع الأسف، وراء شعارات تريد للبنان أن يبقى ساحة مفتوحة للتجاذبات الإقليمية، وورقة في مهب المصالح الخارجية». وقال في بيان: «نستذكر في هذا اليوم حروب الأشقّاء والأعداء والاجتياحات الإسرائيلية المتكررة لأرضنا وسيادتنا الوطنية، ومعها كل أشكال المؤامرات التي حلّت على لبنان». ورأى أن «13 نيسان 1975، يوم أسود في تاريخ لبنان لأنه أعطى إشارة الانطلاق لسقوط الدولة وتداعي مؤسساتها الدستورية والأمنية والإدارية، لحساب حرب مفتوحة كادت أن تودي، بالبقية الباقية من مقومات الحياة المشتركة بين اللبنانيين»، مشدداً على أن «هذا اليوم لا يصح أن يبقى عبئاً على مستقبل لبنان، وهو يتمثل بالمناخات والممارسات السلبية الكامنة في الحياة السياسية اللبنانية، التي ما زالت تتخذ من الاستقواء بالسلاح سبيلاً لترهيب الشركاء في الوطن وتكبيل الدولة ومؤسساتها الشرعية عن أداء مهماتها في بسط سلطة القانون وحماية السيادة الوطنية». وعبر عن «أعمق درجات التضامن مع أهالي الشهداء والمخطوفين والمفقودين والأسرى». قباني وقبلان وحسن وشدد مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني على ضرورة الاتعاظ من «تلك الفترة العصيبة من تاريخ لبنان، وتجنب ما يثير الفتن السياسية، خصوصاً في الظروف الراهنة التي يمر بها لبنان والمنطقة العربية». فيما دعا نائب رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان إلى ان «تكون الذكرى فرصة للوحدة والتواصل بين مكونات الشعب اللبناني». وامل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ نعيم حسن في تصريح، «عدم تكرار الوقوع في أخطاء قاتلة مماثلة، وأن يحفظ اللبنانيون بلدهم من كل شر ومن الاعتداءات الإسرائيلية، وأن يمنعوا محاولات جرّ لبنان للفتنة من النفاذ إلى صفوفهم».