في الأعوام القليلة الماضية، عندما كانت الصين تشارك في السجالات الدولية، كان عليها التعامل مع منافسين، على غرار ما شهدنا في النزاع بشأن «المعادن النادرة» (المستخدمة في صناعة الاتصالات والتي تحتكر الصين 95 في المئة من انتاجها) أو في الصدامات في بحر جنوب الصين. وتتمسك بعض الدول باستدعاء دول أخرى للمساعدة عندما يتصارع مع الصين التي تبدو في بعض الأحيان، معزولة جداً. على رغم ذلك، ليس للصين أن تخشى الهجمات المشتركة عليها. فحصار كهذا يكاد ألا يكون له أثر كبير. وتنبغي ملاحظة أن عزم بعض الدول على الوقوف في وجه الصين سببه ازدياد قوتها. وما من بلد بمفرده قادر على الضغط عليها للمساومة في النزاعات الجديدة. لقد تحدى نهوض الصين النظام العالمي الحالي. لذا، يعتبر وقف نهوض البلاد، حاجة غريزية للنظام القديم. لكن قدرة هذه المشاعر والعقليات المناهضة للصين على احتوائها، مسألة أخرى. وعلى رغم تشجيع الولاياتالمتحدة التحالفات الرامية الى احتواء الصين ومشاركتها في التحالفات هذه، فإن النشاطات تلك تنعكس اساساً في الرأي العام او في الدعاوى القضائية. وستظل الهجمات الإعلامية بلا جدوى طالما اختارت الصين ألا تبالي. وما من داع للقلق في حظوظ البلاد في أي دعوى قضائية. وتعزز الولاياتالمتحدة تحالفاً عسكرياً يحيط بالصين. وعلى الدول المعنية كاليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا تحمّل الأخطار مجتمعة. الضغط المفروض على الصين قد يرتد على مَن يمارسه. فسبب المتاعب التي تواجهها الصين اليوم هو نهوضها، ويمكنها أن تسترخي اذا خففت نموها المستقبلي، على رغم الوهم الذي ينطوي عليه ذلك القول. لكن نهوض الصين يمكن ان يجلب معه أيضاً المزيد من القوة، وفي حال تعاملت معه تعاملاً ملائماً، سيصبح نهوضاً آمنا. على الصين ان تثق بنفسها وتحافظ على الهدوء. والاضطرابات هذه هي انعكاس لقلق البلدان الأخرى ويتعين التعامل معها بهدوء. سيواجه نهوض الصين استفزازات وعليها توضيح هدفها الاكبر وأن تصارع لتحقيقه. ويجب ان يكون المضي قدماً في النهوض صميم الهدف الاستراتيجي. وطالما ان قوة الصين الوطنية ستنمو نمواً ملحوظاً في العقود القليلة المقبلة، فإن الصين القوية ستكون واقعاً سياسياً في منطقة آسيا والمحيط الهادئ وعلى الدول المجاورة تصحيح مواقفها آلياً. ومن الطبيعي ان يخمد النفوذ الاميركي في شرق آسيا. وعلى الصين تلقين دروس لبلدان مثل الفيليبين التي تقود عملية افتعال المواجهات. وثمة طرق كثيرة ممكنة لتلقينها درساً بما فيه استخدام العصا والجزرة. لدى كل من الولاياتالمتحدة وروسيا أعداء، كذلك الأمر بالنسبة الى الصين. ووجود جيران غير وديين مسألة طبيعية للقوة الصاعدة، وليس على الصين خشية ذلك. * افتتاحية، عن «غلوبال تايمز» الصينية، 6/4/2012، إعداد حسام عيتاني