استبعد عاملون في سوق الأسهم ومحللون ماليون أن يكون لإصدار السندات وطرح شركات للاكتتاب، أثر مباشر في تدفق السيولة، وقالوا ل«الحياة» إن هناك أسباب أثرت في تدفق الأموال وعودتها إلى سوق الأسهم، والاكتتابات عامل مساعد في ذلك وليست عاملاً رئيسياً لما حدث في السوق أخيراً. وأكد رئيس لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة محمد النفيعي، أن الاكتتابات وسيلة من وسائل التوسع الأفقي في سوق الأسهم وزيادة العمق داخل السوق، خصوصاً إذا كانت الشركات الجديدة ذات ثقل اقتصادي وتزيد من زخم سوق المال عموماً. وقال: «ولكن هذا لا يعني أنها السبب الرئيسي والوحيد في زيادة إقبال الناس على سوق الأسهم في هذه الفترة، خصوصاً أن هناك معطيات أخرى أسهمت في توجه السوق، وأبرزها قرار السماح بدخول الأجانب لسوق الأسهم السعودي عبر اتفاقات المبادلة، ما أسهم في تحريك الأموال الراكدة داخل السوق في الفترات الماضية». وأضاف النفيعي أن معيار السوق الناضج لا يقاس بعدد الشركات العاملة فيه، ولكن المقياس يكون بالمنفعة الاقتصادية التي تعبر عنها السوق وقطاعاتها، وقال: «كلما كانت السوق تعبر عن كل الأنشطة الاقتصادية المتاحة داخل السوق، وتتناسب مع حجم السيولة المفترضة فيها فإن عدد الشركات ليس مقياساً». وأشار إلى أن هناك 152 شركة تعمل في السوق السعودية ويتم تداول أسهمها بشكل يومي، في حين أن بورصات عالمية تحوي ما يقارب من 800 شركة، ولا يتداول من أسهمها إلا ما يقارب ال200 شركة، مؤكداً أن السوق تستطيع أن تستوعب عدداً من الشركات في القطاعات الجديدة كقطاع الطيران على سبيل المثال. من ناحيته، قال عضو لجنة الأوراق المالية في غرفة جدة تركي فدعق، إن طرح اكتتابات جديدة في سوق الأسهم سواء أكانت أسهماً أو سندات يعد أمراً مساعداً وليس رئيسياً في ارتفاع معدلات الإقبال على السوق، «وإدراج شركات جديدة وطرح أسهمها للاكتتابات يعد أمراً إيجابياً لسوق الأسهم لأنه يشجع على دخول إصدارات حديثة، وزيادة نمو رؤوس أموال الشركات المدرجة في السوق». واستدرك قائلاً: «الجهات المشرعة والمنظمة للسوق المالية لابد لها أن تراعي الظروف الاقتصادية والأوضاع المحلية عند طرح المزيد من الاكتتابات من الأوراق المالية سواء أكانت أسهماً أو سندات». وأوضح فدعق أن سوق الأسهم السعودية في حاجة إلى مزيد من الشركات والقطاعات، لتكون أكثر تنوعاً من الموجود حالياً، وقال: «ارتفاع عدد الشركات المدرجة في سوق الأسهم يعطي انعكاساً طبيعياً للاقتصاد السعودي، وسيكون في مصلحة السوق والمساهمين، خصوصاً أن الأسواق المالية تعد وسيلة لتمويل مشاريع الشركات المحلية». من جانبه، أشار المحلل المالي أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور فاروق الخطيب، إلى أن طرح اكتتابات بسعر 10 ريالات كان محفزاً للكثيرين للاستثمار والدخول من جديد في سوق الأسهم السعودية، وهذا المحفز يعد جزئياً وليس السبب الرئيسي لارتفاع معدلات الإقبال على السوق، منوهاً أن تلك الاكتتابات تحظى بتغطية مرات عدة، خلافاً للشركات التي طرحت أسهمها بعلاوة إصدار تراوحت ما بين 40 و50 ريالاً. ولفت إلى أن السوق السعودية تضم اليوم ما يزيد على 150 شركة، وهي قابلة لدخول شركات أخرى خلال العامين المقبلين يتراوح عددها ما بين 30 و40 شركة، وقال: «السوق السعودية قادرة على استيعاب المزيد من الشركات في السنوات المقبلة، خصوصاً أن ارتفاع عددها سيمنح السوق عمقاً أكبر، لاسيما إذا كانت من الشركات القوية التي تتمتع بأداء جيد». أما أستاذ الاقتصاد في جامعة الطائف الدكتور سالم باعجاجة، فأكد أن طرح المزيد من الأسهم والسندات شيء إيجابي للسوق، وقال: «لاحظنا إقبالاً على الشركات التي طرحت أسهمها للاكتتابات في الفترة الماضية، وهذا يدل على أن الثقة بالسوق عادت مرة أخرى، خصوصاً أن الاكتتابات لم تحظ خلال الأعوام الماضية بالإقبال الكبير من المستثمرين». ونوّه إلى أن سوق الأسهم السعودية في حاجة إلى دخول شركات جديدة لتمنحه التنوع المطلوب والعمق في الأداء، خصوصاً أن تنوع القطاعات والشركات أمر إيجابي ومحفز للاستثمار.