لا تنتهي القصص والحكايات وراء جدران مجمع الأمل الطبي في الرياض، «الحياة» التقت أصحابها والمعنيين، تحدث بعضهم بحسرة، وآخرون تحدثوا على استحياء، ورفض معظمهم الكشف عن هوياتهم، خوفاً أو حرجاً. علبة سجائر ووجبة غداء كانتا الثمن الذي وعد به أحد أطباء مجمع الأمل مريضه مقابل إجراء بعض التجارب عليه، دون أن يدرك المريض ماهية التجربة أو تفاصيلها. حدث ما حدث، وروى المريض قصته ل«الحياة»: «في أحد الأيام طرق باب غرفتي صباحاً أحد الاستشاريين طالباً مني الذهاب لأحد المواقع للقاء بعض الأطباء والطلاب الخريجين لمناقشة حالتي، مقابل مبلغ مالي يبلغ 1500 ريال». ويضيف: «كنت حينها في حالة صحية لا تسمح لي بإدراك الأشياء حولي بالشكل الصحيح، فعرض علي الاستشاري علبة سجائر ووجبة غداء في أحد المطاعم الفاخرة، أنا وست حالات أخرى، مقابل الخضوع لبعض الأسئلة». ويتابع روايته: «أقلتنا حافلة إلى الموقع وفور وصولنا دخلنا فندقاً خاصاً ودخل كل واحد منا في غرفة خاصة، لمناقشة الحالة، جلس معي ثلاثة متدربين، الأول طلب مني بعض المعلومات الشخصية الخاصة بي، والآخر ألقى علي سيلاً من الأسئلة، فهمت بعضها ولم أستدرك بعضها... استمرت الجلسة قرابة 50 دقيقة، من دون أن أتوقف عن الإجابات وبعدها بدأت مناقشة الأطباء مع بعضهم وتقويم الحالة ثم دخل علي حينها مشرف الأمن ليعلن انتهاء الوقت والعودة إلى المستشفى. وأبدى المريض (فضل عدم ذكر اسمه) امتعاضه مما حصل من استغلال له، يقول: «لم تبلغ عائلتي بما يحدث، ولم يؤخذ إذنها، وأنا لم أكن مستوعباً لمدى شرعية ما يحدث، وأي عواقب كان من الممكن حدوثها لي، إذ من الممكن أن تنعكس هذه الاختبارات على بعض الحالات سلباً». يعتقد أنه إنسان عظيم، يتكلم بسرعة ويفكر بسرعة، لكنه ضعيف التركيز، مزاجي، يفرح بشدة ويحزن بشدة... حالته بدأت تسوء، حاولنا إدخاله إلى المجمع عن طريق أحد الأطباء، يقول أخوه، لكن الإدارة رفضت تنويمه. عاد إلى البيت مع أهله، وعادت المعاناة من «نوبات الهوس» كما تسمى طبياً. وفي لحظات خلا فيها المنزل سوى من والدته التي ترعاه، أخذ مفتاح السيارة وخرج في غفلة منها، وأخذ يجول بالسيارة بسرعة جنونية، إلى أن وقعت كارثة. اصطدم بمجموعة من عابري الطريق، مات أحدهم فوراً، انحرفت سيارته وارتطمت بسور، ونقل هو إلى مجمع الملك سعود الطبي في حال حرجة، حيث مكث وقتاً طويلاً حتى يتعافى، قبل أن تطلب إدارة المستشفى تحويله إلى مجمع الأمل الطبي لتسلم الحالة ومعالجتها. محاولة هروب من الفقر أحد المرضى السابقين في مجمع الأمل الطبي (م . ق) عانى من حالة نفسية، شخصت من الأطباء ب«الفصام»، ما دعا إلى إحالته إلى التقاعد المبكر من جهة عمله العسكرية.كشاب في مقتبل العمر، ومع متطلبات الحياة الاقتصادية، طلب المريض من المجمع تقريراً عن حالته النفسية، تمهيداً لتقديمها للضمان الاجتماعي، لإثبات أنه عاجز عن العمل. يقول (م . ق): «هذا يعتبر حقاً مشروعاً لي، وليس هناك تجاوز أو مجاملة، لكن ما حدث أن رفضت إدارة المجمع منحي هذا التقرير، لأحرم من استحقاق الضمان الاجتماعي»، متسائلاً: «ماذا أفعل؟ ليس لدي عمل أقوم به وأنفق من دخله على نفسي، ولم يمنحوني تقريراً يفيد بعدم أهليتي للعمل كي أستحق الضمان». ويضيف: «بعد تكرار المطالبة، طردني الاستشاري من مكتبه، فطلبت تغيير الاستشاري، وتحويلي إلى طبيب آخر يشرف على علاجي، فما كان من اللجنة المختصة إلا رفض الطلب مجاملة للاستشاري». اكتئاب وعدم تأقلم بعد قدومي من خارج المملكة عائداً من رحلة دراسة استمرت ستة أعوام في بريطانيا والتعود على نمط عيش مختلف عما هو موجود حالياً واجهتني بعض الإشكالات في التعامل مع الجهة التي أعمل بها، فيما يتعلق بالجانبين النفسي والاجتماعي. هكذا بدأت قصة المواطنة نوره حمد مع مجمع الأمل الطبي، تقول: «تقدمت بطلب إجازة من الجهة التي أعمل بها، لمراعاة ظرفي النفسي، وتم تحويلي إلى مجمع الأمل الطبي، تمهيداً لعرض تقرير يتيح لي الإجازة من المجمع، وعند عرض حالتي على أحد الاستشاريين سمح لي بالإجازة، وتوقفت على توقيع الإدارة». وتضيف: «من هنا كانت بداية معاناتي معهم والمماطلة الطويلة، إلى درجة أنها وصلت إلي التشكيك في الكشف والتقرير الطبي من المستشفى نفسه، ليتم عرضي على استشارية أخرى طلبت بحسب تشخيصها منحي إجازة، إلا أن الإدارة رفضت مرة أخرى التوقيع، لكن بعد ستة أشهر من المراجعات منحت تلك الإجازة.