«موسى يركض بالكرة، وما زال يجري ويجري، هوباااا! يدخل أبو الفتوح لكن دخلة ضعيفة، لا يمكن أن يسدد من مكانه. البرادعي ينتظر اللحظة المناسبة، ينقض على الكرة ويطير بها... هدف أكيد أووو... يسقط على الأرض، يجري أبو الفتوح ويطمئن عليه، لكن يبدو أن الإصابة تحتم خروجه. رغم إن المدرب كان متجاهلا أبو الفتوح وغير راض عن أدائه، لكن أبو الفتوح استعاد الكرة التي تركها البرادعي. لكن ما هذا؟ الملعب يهتز! أبو إسماعيل يخترق الملعب. الله أكبر! يجري مستحوذاً على الكرة، لكن الجمهور يلتحم معه على أرض الملعب. هذا غير قانوني، ويوشك على الانفراد بالمرمى! يارب استر! اللاعبون على دكة الاحتياطي صبرهم كاد ينفد. الشاطر يتوق إلى الملعب، وإلى جواره مرسي ينتظر شطارة زميله. هوباااا! أبو إسماعيل يتقهقر، وهدف يهز شباك المرمى. لكن، من أين تم تصويبه. غير معقول! سليمان ظهر فجأة. الحكم تظهر عليه بوادر قلق! تسلل؟ الجمهور في المدرجات لا يصدق عينيه! لكن يجب أن يصدقهما. الهدف سليم مئة في المئة، رغم إنه كان خارج الملعب تماماً». ولمن لا يفهم في الرياضة، يمكن أن يفهم مواقف مرشحي الرئاسة المصرية والفاعلين السياسيين من حصة النحو. ويقال ان أبو الفتوح مبتدأ محذوف، أما أبو إسماعيل فخبر كان، والشاطر بدل منهما مرفوع، وموسى وشفيق وسليمان أخوات كان، والجماعة أسلوب توكيد وحصر واستثناء، والمجلس ضمير مستتر تقديره هو، أما الثوار فصيغة مبالغة لا محل لها من الإعراب، والثورة فعل ماضي، أما حزب «النور» فنائب فاعل، لكن الحكومة جملة اعتراضية، وطبيعي أن تكون التأسيسية تمييزاً عددياً وهي تختلف عن البرلمان الذي يعرب معطوفاً عليه، في حين تقف «الكتلة المصرية» ممنوعة من الصرف، وأخيراً الشعب فهو بكل تأكيد منصوب عليه بالفتحة. ورغم أن فاتحة «ماراثون» الرئاسة في مصر لم تنبئ بالوضع الراهن الذي هو أشبه بالمباراة المرتجلة التي لا تفجر سوى مفاجآت، أو بحصة النحو التي تضع الطلاب في امتحان إعراب أقرب إلى المستحيل في فك طلاسمه، إلا أن الشعور العام لدى المصريين أقرب إلى ذلك الذي يشعر به المشاهد أثناء متابعته فيلم حركة تعقدت أحداثه ووصلت أوجها، وهو ما يعني بداية النهاية وفك الألغاز وانقشاع الطلاسم. إلا أن طلاسم الأمس في ماراثون الرئاسة، وحتى الدقائق الأخيرة قبل إغلاق أبواب اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة، ظلت قائمة. ويعلم المصريون أنهم وإن كانوا يعيشون فترة سياسية حالكة من تاريخهم الحديث، إلا أن القدر الهائل من الأدرينالين الناتج عن التشويق والإثارة يعطيهم شيئاً من البهجة، بهجة قرب فك تشابك وتعقد خيوط الماراثون الرئاسي. وإلى أن يتم فك هذه الخيوط، ينهل المصريون من منهل بديل للبهجة، فها هو أحدهم يقترح على مرشح «الإخوان المسلمين» خيرت الشاطر ألا يتكبد عناء طبع ملصقات الدعاية الانتخابية، على أن يعمل «تاغ» (إشارة) باسمه على ملصقات المرشح السلفي «غير المحتمل» للرئاسة الشيخ حازم صلاح أبو إسماعيل الذي كان انتشار ملصقاته مادة تندر. وبينما تظل جنسية والدة أبو اسماعيل لوغاريتماً يستعصى على الفهم، يتداول المصريون على «فيسبوك» خبراً مفبركاً أن المتحدث باسم حزب «النور» السلفي نادر بكار صرح بأن جنسية أم أبو إسماعيل «لا تعبر عن رأي حزب النور»، في إشارة إلى تكرار تصريح بكار بأن أي تصريح أو عمل يصدر عن أي من أعضاء الحزب لا يعبر عن رأي الحزب. آخرون طوعوا المثل الشعبي القائل: «عرفت فلان؟ آه! عاشرته؟ لا! يبقى ماعرفتوش!»، إلى «هتنتخب فلان؟ آه! شفت باسبور أمه؟ لا! يبقى ماعرفتوش!». لكن إحدى مستخدمات «تويتر» تساءلت: «ماذا يعني أن تشهد أول انتخابات بعد الثورة ترشح كل من نائب الرئيس المخلوع، ورئيس وزراء الرئيس المخلوع، ووزير خارجية الرئيس المخلوع، وصديق الرئيس المخلوع، ويشرف عليها وزير دفاع الرئيس المخلوع؟» الخوف كل الخوف الآن هو من نصيب الرئيس الأميركي باراك أوباما، إذ أن مسألة الجنسية الأميركية قد ترشح أبو إسماعيل للمنافسة على الرئاسة الأميركية، لا سيما أن المقولة الجديدة تقول: «الدين لله، والوطن للجميع، والحوائط لأبو إسماعيل»! حفظ الله الوطن! وفك الله طلاسمه سواء عبر مباراة كرة أو حصة نحو أو حتى تغريدة «تويتر».