شكل وصول نائب رئيس الجمهورية العراقي طارق الهاشمي إلى الدوحة أمس والإعلان رسمياً أنه بدأ «زيارة رسمية إلى دولة قطر تستغرق أياماً عدة» رسالة دعم خليجية واضحة له، بعد الأزمة التي فجرها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عندما أصدر أمراً باعتقاله بتهمة التورط في أعمال عنف، ما اضطره للانتقال إلى إقليم كردستان. واحتج المالكي على نبأ زيارة الهاشمي لقطر محذراً من استقباله، وقال إن «المتهم ينبغي أن لا يتم استقباله في أي من الدول العربية، خصوصاً بصفة نائب رئيس الجمهورية، لأنه مطلوب للقضاء». وقالت مصادر مطلعة في الدوحة ل«الحياة» إن زيارة الهاشمي «تتم بدعوة من الحكومة القطرية، وإنه سيلتقي كبار المسؤولين القطريين للبحث في الوضع العراقي وأولويات ما بعد القمة العربية الأخيرة في بغداد». ورأت مصادر عربية تحدثت إلى «الحياة» أن «استقبال قطر للهاشمي في زيارة رسمية دليل على أن ملفات العراق الساخنة لا تزال مفتوحة عربياً في إطار السعي للمساهمة في معالجتها». وأكدت أن «صفحة عربية جديدة على العراق فُتحت الآن، وأن محادثات نائب الرئيس العراقي في الدوحة تمثل رسالة خليجية وعربية قوية وذات أبعاد». كما لفتت إلى «دلالات خفض مستوى التمثيل السعودي والقطري في قمة بغداد العربية» الأخيرة، مشيرة إلى أن «المالكي أضاع فرصة في القمة بسبب اعتراضه على مناقشة وحل قضايا عراقية مهمة تتعلق بالوحدة الوطنية». يذكر أن رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري قال عشية قمة بغداد عن الوضع العراقي ووجود الهاشمي في كردستان إن «هذا غير صحي وغير مناسب، ودولة قطر ناشدت وتناشد الحكومة العراقية أن يحل هذا الموضوع سياسياً». وكان بيان صادر عن مكتب الهاشمي أمس أعلن أنه «غادر مقر إقامته في إقليم كردستان صباح اليوم (أمس) متوجهاً إلى الدوحة في دولة قطر بناءً على دعوة تلقاها في وقت سابق». وأضاف إن «الهاشمي سيلتقي أثناء الزيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيس الوزراء الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني». وأكد أنه «من المتوقع أن تستغرق الزيارة بضعة أيام، يزور بعدها الهاشمي دولاً أخرى يعلن عنها في حينه، ثم يعود إلى مقر إقامته في كردستان العراق». ورد المالكي في مؤتمر صحافي أمس بتحذير الدول العربية من استقبال الهاشمي لأنه متهم. وقال إن «المتهم ينبغي أن لا يتم استقباله في أي من الدول العربية، خصوصاً بصفة نائب رئيس الجمهورية، لأن الهاشمي مطلوب للقضاء، والعراق عضو مؤسس في الجامعة العربية، واستقبال الهاشمي مخالف للعرف الديبلوماسي». وأضاف انه لا يعلم ما إذا كانت وزارة الداخلية أو مجلس القضاء الأعلى ادرجا اسم الهاشمي على قائمة المطلوبين لدى «الشرطة الدولية» (انتربول). وزاد إن «قضيته من اختصاص القضاء المستقل ولن تطرح في الاجتماع الوطني»، وأن «بإمكان الشخص المتهم الذي يدعي براءته أن يأتي إلى القضاء ويسلم نفسه ويثبت براءته كما فعل البعض الذين سلموا أنفسهم إلى القضاء وبرأهم». وكانت الحكومة العراقية أصدرت نهاية العام الماضي أمراً باعتقال الهاشمي بتهمة التورط في أعمال عنف بناء على قرارات قضائية، وعرضت اعترافات لعدد من أفراد حمايته. لكن الهاشمي لجأ إلى إقليم كردستان حيث أكد زعيم الإقليم مسعود بارزاني أنه لن يسلمه إلى بغداد، وأن أطرافاً مقربة من الحكومة العراقية دعته إلى تهريب الهاشمي إلى خارج العراق لإنهاء القضية، مشيراً إلى أن الأخير ما زال نائباً لرئيس الجمهورية وأن بغداد هي من سهلت وصوله إلى الإقليم بهدف توريطه في القضية. وأثارت القضية جدالاً داخلياً عراقياً على امتداد الشهور الماضية، وأفرزت جبهتان على الأقل، تضم الأولى «القائمة العراقية» والأكراد وتعتبر أن الاتهامات التي وجهت إليه «سياسية» وينبغي معالجتها في هذا الإطار، وتدعو إلى أن تكون في مقدمة ملفات «المؤتمر الوطني» المزمع عقده الخميس المقبل لحل المشكلات السياسية. أما الثانية فيتصدرها «التحالف الوطني» الذي يقوده «ائتلاف دولة القانون» برئاسة المالكي، وينظر إلى الاتهامات باعتبارها «قضائية صرفة» ويرفض طرحها على طاولة النقاش السياسي.