كاميرات تسجيل، حراس أمن، أبواب زجاجية متينة، صفارات إنذار، أقفال، عيون تراقب الشاشات، آناء الليل وأطراف النهار لتوفير أقصى درجات الأمن، اعتاد المتسوقون على رؤية الاحترازات الأمنية في أكبر المراكز والأسواق التجارية في مختلف أنحاء العالم، لكن الأمر يختلف كلياً في سوق تتنشق داخله «عبق التاريخ»، وارتبط مسماه باسم أشهر الأسر الجداوية «شارع قابل». فإذا كان المصريون يكتفون بوضع كرسي أمام «البسطة» في خان الخليلي، بينما يجر اليمنيون عربات دفع تحمل بضائعهم من منازلهم إلى أسواقهم ذهاباً وإياباً، فيما يحفظ الباعة الجائلون في شوارع مدريد بضاعتهم في المحال المجاورة، فإن الجداويين يستثمرون ألحفة النوم في تغطية «بسطاتهم» عند تركها في الشارع الشهير. وعلى رغم ترديد أهالي جدة، ومن بينهم الباعة المتجولين، للأغنية الحجازية التراثية «بأحطك في قلبي واقفله قفلين»، إلا أنهم استعانوا ب«الشراشف» عوضاً عن «الأقفال» دلالة على أن الحبيب أكثر أهمية ومكانة من المال في قلب «الجداوي». ولا يزال غالبية الباعة في المحال والأكشاك يستخدمون الطريقة التقليدية القديمة المعتمدة على «الشراشف» لإغلاق «بسطاتهم»، وكأن لسان حالهم يردد بيتاً شهيراً للشاعرة ثريا قابل «أبعد ولا تقرب.. قنعان أنا بطيفك».