في الوقت الذي ينتظر فيه ملايين البشر في الحرم المكي والمناطق المجاورة له موعد النداء لأذان المغرب معلناً انتهاء يوم الصيام وبدء إفطار المسلمين، هناك أشخاص معدودون وفي المنطقة الجغرافية نفسها يشاهدون هذه الجموع الغفيرة وهي تتناول إفطارها وتكاد ساعة مكة لا تبعد عنهم سوى أمتار فقط وتشاهد بالعين المجردة، ومع ذلك يختلف موعد إفطار هذه الأعداد عن سواهم من سكان الأرض، نظراً إلى تحليقهم جواً على ارتفاع يصل إلى ألفي قدم وهذا يجعل هناك فارق تأخير دقيقتين، إذ تغرب عليهم الشمس متأخرة عن غروبها في الأرض، فيما ينعكس ذلك خلال السحور الذي يقدم من دقيقتين إلى ثلاث دقائق، نظراً إلى استقبال الفجر وشروق الشمس قبل الأرض. منسوبو طيران الأمن، وعلى رغم أدائهم لواجبهم الوطني والديني تجاه خدمة معتمري وزوار المسجد الحرام والمسجد النبوي، إلا أنهم يطمحون أيضاً في كسب الأجر خلال هذه الأيام المباركة من شهر رمضان الفضيل قبل كسب الأجرة، فهم جنود يعملون من أجل راحة الآخرين وفق جدول عمل منظم يكثف خلال العشر الأواخر من شهر رمضان من خلال زيادة عدد الطلعات الجوية. «الحياة» كانت على موعد مع تجربة ليست الأولى إلا أنها مختلفة ولها طابع مختلف عن سابقاتها، إذ إن محرر «الحياة» ومصورها شاركا طاقم إحدى طائرات الأمن العامودية إفطارهم الرمضاني فوق أجواء مكةالمكرمة في جولة جوية على الحرم المكي، لنقل مشاهد حية لحركة وكثافة المعتمرين الذين اكتظ بهم المسجد الحرام في مشهد إيماني وروحاني مهيب، وتحديداً على ارتفاع ألفي قدم. الساعة 6.17 مساءً بالتوقيت الأرضي ليوم أمس كان موعد إقلاع الطائرة، فيما كانت طائرة أخرى مشابهة أقلعت إلى الوجهة نفسها ولا يفصل بين الاثنتين سوى أميال قليلة، إلا أن الطائرتين تسيران وفق خط منظم لتصلا إلى وجهتهما عند الساعة 6.45 دقيقة، إذ أصبحتا تحلقان فوق الحرم المكي وحول ساعة مكة، تخلل هذا التحليق هبوط لفترات بسيطة على مهبط الطائرات المعد والمجهز فوق برج الساعة لعمليات الرصد والمتابعة. حلقت الطائرة فوق الحرم المكي في الساعة 7.10 وبدأ أحد ضباط الصف من منسوبي طيران الأمن في توزيع عبوات المياه والتمر والقهوة على كل من في الطائرة معلناً دخول وقت الإفطار، فيما لا يوجد مجال لسماع صوت الأذان إلا أنه وفقاً للتوقيت المتبع، قد بدأ قبل نحو دقيقتين في الحرم المكي من بدء إفطارنا جواً، ما جعل هناك سؤالاً يتبادر إلى الذهن حول هذا الاختلاف في التوقيت وطريقة تحديد الوقت الذي يعتمد طاقم الطائرة عليه في تحديد موعد إفطارهم. وقال قائد طيران الأمن اللواء محمد الحربي ل «الحياة» إن موعد الإفطار على هذا الارتفاع البالغ ألفي قدم يعتمد على الوقت إذ يكون هناك فرق دقيقتين بعد دخول موعد الإفطار في الحرم المكي، نظراً إلى أن الشمس يكون غروبها على هذا الارتفاع متأخراً عن غروبها في الأرض، في حين تشرق الشمس في هذا الارتفاع قبل شروقها في الأرض. وأشار اللواء الحربي إلى أن ثماني طائرات مجهزة تنفذ جولات يومية مجدولة على العاصمة المقدسة والطرق المؤدية إليها، إذ تتركز على الحرم الشريف والمنطقة المركزية وذلك لكثافة الحركة المرورية وحركة المشاة، إذ ترصد وتحلل مناطق الازدحام والكثافة البشرية وتتابع الحالة الأمنية وتزود الجهات المعنية الأرضية بتقارير فورية عن ذلك، عدا أن هناك عدداً آخر من الطائرات في قواعد الطيران الأخرى في المملكة في حال استعداد متى ما دعت الحاجة لها، مؤكداً حرص طيران الأمن وجميع منسوبيه على خدمة معتمري وزوار بيت الله الحرام والمسجد النبوي الشريف. وأضاف «أن طيران الأمن يقدم خدماته لقطاعات الأمن كافة، إضافة إلى قطاعات أخرى عدا تقديم الخدمات الإنسانية الأخرى مثل عمليات الإخلاء الطبي، إذ جهزت جميع الطائرات بأسرة مجهزة يتم إعدادها خلال دقائق لتكون جاهزة للإخلاء».