لم تُثِر ثلاث مراحل جبلية تضمنتها الأيام الثمانية الأولى من دورة فرنسا الحالية للدراجات الهوائية حماسة أي متسابق من الصف الأول لصنع تقدّم صريح بفارق زمني كبير، ما جعلهم أشبه ب"أشباح" على لائحة الانتصارات التي لفت فيها تحقيق الدراجين الفرنسيين توماس فولكر وبريس فايو وبييريك فريدريغو ثلاثة انتصارات، لكن من دون أن يحتل أي منهم أحد المراكز العشرين الاولى في الترتيب. فقط المرحلة الرابعة التي خصصت لسابق ضد الساعة للفرق، استطاعت إخراج التنافس من دائرة الضجر من غياب الهجمات الطموحة لدراجي النخبة. وقادت فريق الحلم الكازاخستاني "آستانة" في المقدمة، مع أفضلية تتويج أربعة من دراجيه بالقميص الأصفر على خط وصول المرحلة الأخيرة في 26 تموز (يوليو) الجاري، وهم: حامل اللقب سبع مرات الأميركي لانس أرمسترونغ، الإسباني البرتو كونتادور الفائز الوحيد بألقاب دورة فرنسا عام 2007 و"جيرو" الايطالية و"فويلتا" الاسبانية العام الماضي، الأميركي ليفي ليفيمر والألماني اندرياس كلودن اللذان اعتادا على التواجد على منصات التتويج في مسابقات عدة. ويضع ذلك مدير الفريق البلجيكي يوهان برونيل أمام خيار صعب للغاية اذا لم يكن مستحيلاً، في ظل عدم تسميته القائد الفعلي لمجموعته الخارقة، منتظراً على الرجح مبادرات شخصية لحسم الصراع. والواقع أن كونتادور أوحى بهذا السيناريو في المرحلة السابعة، حين ترك مجموعة "آستانة" بخلاف التعليمات بحسب ما أعلن أرمسترونغ، وتقدّم على باقي زملائه بفارق 20 ثانية في الترتيب النهائي، لكن من دون أن ينجح في إنتزاع القميص الأصفر الذي إرتداه دراج فريق "ا جي 2 ار – مونديال" الايطالي رينالدو نوشينتيني. وفيما امتنع البطل الأميركي، العائد بعد غياب ثلاث سنوات ونصف السنة عن منافسات دورة فرنسا التي خلّدت اسمه في عالم الرياضة عموماً، عن الرد ميدانياً على "هروب" كونتادور في هذه المرحلة، أبقى مستواه الحقيقي في دائرة الألغاز، مع تكراره أن زميله الاسباني هو الأقوى والأكثر طموحاً في الفوز. لكن أرمسترونغ يعترف بأن العامل الرئيس لإنتزاع اللقب الحالي يتمثل في الاستراتيجية التي ستعتمد في الأسبوع الأخير من "الطواف"، والذي سيتضمن مساراً "جهنمياً"، يشمل ثلاث مراحل جبلية تختتم في اليوم ما قبل الأخير على قمة فانتو في الألب، وواحدة فردية ضد الساعة، "لذا لا بد من اقتصاد الجهود المبذولة الى الحد الأدنى حتى الأحد المقبل". ولعلّ هذه الاستراتيجية ستسمح باحتفاظ نوشينتيني بالقميص الأصفر هذا الأسبوع، في حين سبيبقى المنافسون البارزون لرباعي فريق "آستانة" خارج الأضواء، علماً أن محاولتهم باءت بالفشل في الأسبوع الأول بسبب غياب عنصر المساندة الفاعلة لأعضاء فرقهم. واكتفى كل من حامل اللقب الإسباني كارلوس ساستر واللوكسمبورغي أندي شليك والأسترالي كاديل ايفانز بهجمات فردية خجولة حتى الآن دحرتها مجموعة المقدمة بقيادة "آستانة" بلا رحمة، على رغم تجنّب الفريق الكازاخي طموح انتزاع القيص الأصفر. إن الاتحاد يصنع قوة فريق "آستانة" في دورة فرنسا الحالية للدراجات، لكن الفائز سيبقى واحداً، وهو "الخائن" في صفوف الفريق الكازاخي، أما في صفوف باقي الفرق فحظوظ "الشياطين" تحتاج الى معجزة.