تعني القوة المتنامية لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) أن على الجيش السوري الآن مواجهة جماعة لم يكن مستعداً حتى الآن لمهاجمتها لأسباب سياسية. فصعود التنظيم الذي كان يعرف باسم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" سمح للرئيس السوري بشار الأسد بتقديم نفسه للعالم باعتباره حصناً في مواجهة المتشددين. وفي الوقت ذاته ساعد توجه التنظيم الى محاربة مقاتلي المعارضة الأكثر اعتدالا، على تقسيم المعارضة السورية، مما سهل على قوات الأسد استعادة السيطرة على أراض خسرتها في فترات سابقة من الحرب الأهلية. ونتيجة لذلك يرى بعض المحللين أن قادة الجيش السوري تبنوا استراتيجية قائمة على محورين، إذ سعوا من ناحية إلى تقليص خطر التنظيم المتشدد على الدولة، ومن ناحية ثانية ضمان أن يبقى قوياً بما يكفي ليواصل قتاله مع الجماعات المعارضة الأخرى. والآن، وقد اكتسب مقاتلو التنظيم زخماً في سورية بسبب المعدات التي استولوا عليها من هجوم خاطف في العراق، فقد يحتاج الجيش السوري لأن يتبنى اسلوباً صدامياً أكثر معه إذا كان لا يريد ان يخسر أرضا لصالحه. وقال المسؤول السابق في وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي إن دمشق "تعتبر التنظيم خطرا على الأرض حتى لو كان ساعدها على تحقيق أهداف سياسية". واضاف "بالتأكيد يرونه خطرا على البلاد من منظور أمني وعسكري، وهم يقاتلونه بالفعل في أماكن كثيرة وفقا لأولوية الحكومة". لكن المقدسي الذي غادر سورية وتحول الى شخصية سياسية مستقلة، أوضح أنه "من المنظور السياسي حقق التنظيم أهداف الحكومة السورية بتحطيم معنويات المعارضة وشيطنتها". ويقول ديبلوماسيون إن "الأسد استغل صعود التنظيم ليدعم حجته بأن سورية تواجه خطر التشدد الإسلامي". وقال ديبلوماسي غربي "الحكومة تريد بقاء (الدولة الإسلامية) قويا بما يكفي لأغراضها الدعائية، وبالتالي فهي مترددة في مهاجمته"، مضيفاً ان "أي هجمات حكومية كانت تنفذ لأن الأسد كان بحاجة لأن ينظر إليه على انه يتحرك ضد داعش". من جهته، اكد "المرصد السوري لحقوق الانسان" ان وتيرة الغارات الجوية التي يشنها طيران النظام على مواقع "داعش" ازدادت منذ العاشر من حزيران (يونيو) الماضي.