تظل صورة إريك أبيدال وهو يرفع كأس دوري أبطال أوروبا العام الماضي في ملعب ويمبلي 28 أيار (مايو)، ماثلة في الأذهان. فاللاعب الفرنسي كان بالكاد تعافى من جراحة لإزالة ورم سرطاني من كبده أجراها له البروفيسور جوزف فوستر أوبريغون استغرقت أكثر من 3 ساعات في 17 آذار(مارس) 2011. وعاد بعد 7 أسابيع إلى الملاعب (3 أيار) فخاض الوقت الإضافي من مباراة فريقه برشلونة أمام ريال مدريد في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا (1–1)، حيث استقبله 96 ألف متفرج بصيحات التشجيع في «كمب نو». وفي نهائي المسابقة الذي أسفر عن فوز برشلونة على مانشستر يونايتد (3 –1)، خلع كارليس بويول شارة القائد وأعطاها لأبيدال كي يتقدّم الصفوف ويكون أول من يرفع الكأس الغالية. وهاهو «أبي» مجدداً يجابه المعضلة الصحية، علماً أنه يتناول أدوية في شكل يومي ويخضع دورياً لفحوص لمتابعة حاله، التي يبدو أنها وبعد عام تحديداً على اكتشاف الورم في كبده (15 آذار 2011)، اتضح أن تفاعلاته باتت تحتّم إجراء زرع لكبد جديد، «تفادياً لمضاعفات سلبية إضافية» كما جاء في البيان الذي صدر عن نادي برشلونة، وذكّر بأن «عملية الزرع كانت إحدى الخيارات منذ بداية العلاج في العام الماضي». أما موعد الجراحة القريب فمرهون بتوافر الواهب للكبد وملاءمته بيولوجياً لأنسجة أبيدال ووظائفه العضوية. منذ اكتشاف الورم العام الماضي، يقول أبيدال (33 سنة، 1.86م، 75 كلغ) أنه بات يعيش كل يوم بيومه، «لكني أواجه الأمور بشجاعة وبإصرار على الاستمرار». وكان الظهير الأيسر للمنتخب الفرنسي مدد عقده في كانون الثاني (يناير) الماضي مع ناديه الكاتالوني حتى حزيران (يونيو) 2013. لكن غيابه المستجد سيطرح معضلة في صفوف «الزرق» الذين سيخوضون نهائيات كأس أوروبا بدءاً من 8 حزيران المقبل. وستكون أمام المدير الفني لوران بلان «معضلة» المفاضلة بين من يستطيع تولّي مهمة توافّر الثقة والضمانة في الخطوط الخلفية، من خلال مزايا اكتسبها أبيدال على مرّ سنوات، خصوصاً اختمار تجربته في برشلونة منذ عام 2007، والتطوّر الكبير الذي بلغه. وإذا كان بلان ترك الباب مفتوحاً على مختلف الاحتمالات، باعتبار أنه «من المبكر الفصل في الأمر» مع طرح خبراء أسماء جيريمي ماتيو (فالنسيا) وغايل كليشي (مانشستر سيتي) وأنطوني روفيير (ليون) وباتريس إيفرا (مانشستر يونايتد) لملء فراغ أبيدال. فقد شدد المدرب الفرنسي على أولوية تعافي لاعبه، وأمل أن «يبرهن مجدداً عن ذهنية مرتفعة تمكنه من تجاوز هذه الضربة القاسية»، مضيفاً: «سأتناقش معه في الأمر. ما يهمني الآن هو الإنسان وسنقوم بخيارات إذا كان هناك متسع لذلك». ويوضح الطبيب الاختصاصي ديدييه صامويل أن في مقدور أبيدال معاودة اللعب «طبعاً بعد ابتعاده نحو ستة أشهر كحدّ أدنى نظراً لدقة الجراحة والفترة التي يحتاجها الجسم للتأقلم مع العضو الجديد (الكبد)». ولفت صامويل إلى أن ما يساعد في «العودة الجيدة الإرادة والتركيز الذهني والمعنويات»، وهذه مميزات توافرت عند أبيدال في تجربته الجراحية السابقة، خصوصاً في ظل المساندة والدعم الكبيرين. وطبعاً تختلف زراعة كبد عن استئصال ورم منه، لكن الواضح أن أبيدال الذي شارك في 22 مباراة مع برشلونة هذا الموسم لعب خلالها 1762 دقيقة (بمعدل 80 دقيقة في المباراة الواحدة)، يتحضّر لمرحلة جديدة قد ترسم معالم أيامه المقبلة أو تصبح محطة «عادية» في مسيرته ومجرد «إصابة عرضية». وعموماً فإن النجم الفرنسي، الذي جاور كباراً من طينة زين الدين زيدان وليونيل ميسي ولا يختلف اثنان في دوره المؤثر ميدانياً، أضحى منذ الجراحة التي خضع لها العام الماضي منخرطاً أكثر في الأنشطة الاجتماعية والخيرية. فقد باع سيارات يملكها لتوفير الغذاء لمركز إيواء، ويمضي قسماً كبيراً من أوقات فراغه في مراكز رعاية للشباب ومستشفيات، وأمّن العلاج ونفقات الجراحة لثلاثة أطفال، كما أوكل لفريق عمل الاهتمام بأوضاع أشخاص يعانون من أمراض مزمنة.