شيعت مصر أمس بطريرك الكنيسة المصرية البابا شنودة الثالث الذي توفي السبت الماضي عن 89 عاماً. ووري جثمان البابا الثرى في دير الأنبا بيشوي في صحراء وادي النطرون في محافظة البحيرة (شمال مصر). وشارك كبار رجال الدولة وأساقفة الداخل والخارج وسفراء دول أجنبية ومبعوثون عن قادة وزعماء دول أوروبية وعربية في مراسم التشييع التي استمرت ساعات عدة، وسط حداد وطني. وزاد رحيل البابا شنودة من مخاوف الأقباط بخصوص ترتيبات المرحلة المقبلة خصوصاً في هذه الفترة الفارقة من تاريخ مصر التي ينتظرها رئيس ودستور جديدان بالتزامن مع صعود الإسلاميين وسيطرتهم على البرلمان، وبالتالي الجمعية التأسيسية التي ستصوغ الدستور. وعزز مخاوف الأقباط احتمال حصول خلافات بين أساقفة الكنيسة في شأن هذه الأمور ما سينعكس على تفتت الكتلة القبطية التي يقدرها البعض بحوالى 10 ملايين مواطن. وكانت مراسم التشييع تمت وسط إجراءات أمنية مشددة أشرف عليها قائد الشرطة العسكرية اللواء حمدي بادين، وشهدت حضوراً رسمياً ودولياً عالي المستوى، إذ شارك فيها رئيسا مجلسي الوزراء كمال الجنزوري والشعب سعد الكتاتني وعدد من المرشحين المحتملين لرئاسة الجمهورية، هم عمرو موسى وأحمد شفيق وحمدين صباحي وعبدالمنعم أبو الفتوح وعضو المجلس العسكري اللواء عادل عمارة. كما حضر عدد من الوزراء الحاليين والسابقين ومندوبون عن ملك الاردن والرئيس اللبناني ورئيسي مجلس النواب والحكومة، فضلاً عن سفراء السعودية في القاهرة أحمد قطان وأميركا آن باترسون والفاتيكان مايكل جيرالد والاتحاد الأوروبي واليونان وروسيا والامارات وفرنسا وغيرهم. كما شارك رؤساء أحزاب «الوفد» السيد البدوي و «المصري الديموقراطي» محمد أبو الغار و «الحياة» مايكل منير. وأوفد شيخ الأزهر ممثلاً واتصل معزياً بأساقفة الكنيسة. وسيرأس مرشد جماعة «الإخوان المسلمين» محمد بديع وفداً من الجماعة لتقديم التعزية لقيادات الكنيسة اليوم. واتشحت كاتدرائية العباسية في القاهرة بالسواد ولافتات التعزية، ووضعت شاشات عملاقة خارج الكاتدرائية لتتابع جموع الأقباط المحتشدة الصلاة التي افتتحت بالقداس الجنائزي. وقام الأساقفة بتلاوة الصلاوات على جثمان البابا وفق طقوس الكنيسة القبطية الارثوذكسية التي تقضي بإجراء الصلاوات والتابوت مفتوحاً ووجه البطريرك الراحل مكشوفاً. وتلا أحد أعضاء المجمع المقدس وصية البابا شنودة قبل رحيله التي دعا فيها الأقباط إلى التمسك بالمحبة والصلاة وحفظ وصايا وتعاليم الانجيل المقدس، متمنياً أن يعطي الله للكنيسة الراعي الصالح، طالباً المغفرة من الله ومن شعبه عن أي خطأ أو زلل. وأحاط كبار الأساقفة بتابوت البابا المفتوح. وفي المرحلة الأخيرة من طقوس قداس الجنازة تمت تغطية النعش ثم حمله عدد من أعضاء المجمع المقدس والقساوسة والرهبان والاساقفة وداروا به ثلاث مرات حول الهيكل وثلاث مرات أخرى حول الكاتدرائية، وبعدها نقل التابوت عبر سيارة تابعة للقوات المسلحة إلى مطار ألماظة لنقله إلى دير الأنبا بيشوي حيث ووري الثرى.