وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله يقول إن «هناك تقصيراً وعدم ثقة من رجال الأعمال السعوديين بابتكارات واختراعات الطلاب والطالبات السعوديين»، مضيفاً: «نحتاج إلى شجاعة المستثمرين السعوديين، والإيمان بابتكارات أبنائهم الطلاب، حتى وإن لم ينجح أول وثاني ابتكار، لكن بالتأكيد في نهاية المطاف ستنجح في حال دعمها، وتوفير بيئة حاضنة لها»، ثم استدرك: «الوزارة لا تستطيع التسويق لابتكارات المبدعين، فلديها ما يكفيها، وأيضاً الوزارة ليست جهة مستثمرة، بل جهة تصرف الأموال للبناء والتأسيس». كلام في مجمله شبه صحيح، ومعتاد، والوزارة بالفعل معنية بالاستثمار في بناء وتأسيس العقول المبدعة والأيدي المنفّذة، لكن السؤال: هل التقصير فعلاً من رجال الأعمال، أو القطاع الخاص كما هي النغمة المكررة إعلامياً لأنها تلقى القبول الاجتماعي، وتحقق التنفيس عن احتقان المخترعين والمبدعين؟ لو اتفقنا على هذا المبدأ، فنجد الحكومة أيضاً مقصّرة، لأنها أيضاً «رجل أعمال»، وهي بالتأكيد «قطاع خاص ضخم» يلبس ثوباً حكومياً، وهنا الحديث عن الجهات المالية والاستثمارية تحديداً وهي معروفة للجميع وتشمل: صندوق الاستثمارات العامة، التقاعد، والتأمينات، وربما يفوتني شيء لكن الثلاثي الشهير هو الأبرز تمثيلاً للحكومة في السوق، أو الأسواق. لو تأملنا قليلاً سنجد أن الاستثمار في الابتكارات والاختراعات هو ركيزة التقدم الصناعي ومن ثم الاقتصادي فالاجتماعي والسياسي للأمم المصنفة عالمياً في مراتب تنموية أعلى، لكنه أيضاً استثمار يحتاج إلى النفس الطويل، والمثابرة، ثم إلى صدق نية الإنتاج وإيصال الابتكار ليكون سلعة حقيقية أو خدمة مبتكرة، وليس فقط استهلاكاً إعلامياً للجامعات ومراكز رعاية الموهبة. حسناً رجال الأعمال أو بعضهم أو معظمهم، لا يمكننا التحديد هنا، يرغبون في استثمار آمن وسهل وواضح الطريق وربما واضح النتائج، ويجب أن نعترف بأن الجهات الاستثمارية الحكومية الثلاث أعلاه تفعل بالمثل، فالمتأمل لخريطتها الاستثمارية يجدها متركزة في سوق الأسهم عبر تملّك حصص في الشركات القيادية المهمة، وفي الاستثمارات العقارية، حتى إنها لم تجتهد لتبتكر أدوات استثمارية جديدة، فضلاً عن تبنيها ابتكارات الشباب في المدارس والجامعات، وهذه الجهات أيضاً يجب أن نحترم وجهة نظرها، وسياساتها المحافظة نسبياً. حسناً إذاً، من الذي يجب أن يستثمر في الإبداع العلمي والاختراعات؟ إنها الحكومة ورجال الأعمال، والبدء يكون حكومياً غالباً مثل بقية التجارب الناجحة عالمياً، لكن عبر من؟ ليس الجهات الاستثمارية أعلاه، بل عبر مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، الكليات التقنية، الجامعات بدلاً من أن تتنافس على «رسم» سيارات سعودية بقوام إيطالي «جبار»، ثم يأتي دور هيئة الاستثمار والغرف التجارية لتعرض هذه الابتكارات الناجحة على رجال الأعمال، فإن أبوا تعرضها على الأجانب، فإن تمنعوا لعدم جدواها، فهي ليست ابتكارات أو اختراعات، إنها مجرد هوايات. [email protected] @mohamdalyami