بدأت سبعة فصائل مسلحة من دارفور في القاهرة صوغ «رؤية سياسية موحدة» تمهيداً لإطلاق مفاوضات مع الحكومة السودانية. وبدا ان الفصائل تطلب المشاركة في السلطة وفقاً لنسب السكان والاحتفاظ بالسلاح «فترة انتقالية». ويهدف الوسيط المصري إلى اقرار ورقة تتضمن الرؤية الموحدة لهذه الفصائل وطلب من كل فصيل وضع ورقة عن رؤيته لتوحيد الفصائل وسبل حل الصراع. ولهذا الغرض اجتمع وكيل جهاز الاستخبارات المصرية اللواء عمر قناوي مع ممثلي الفصائل السبعة مساء الأحد وحضهم على «ضرورة توحيد الرؤى والصف». وكان «ملتقى القاهرة لدعم وحدة الصف الدارفوري» بدأ أول من أمس بمشاركة حركة جيش تحرير السودان (قيادة الوحدة)، الجبهة المتحدة للمقاومة، حركة جيش تحرير السودان (وحدة جوبا)، حركة العدل والمساواة (جناح إدريس أزرق)، جبهة القوى الثورية المتحدة، الجبهة الشعبية الديموقراطية للعدالة والتنمية، وحركة جيش تحرير السودان (الخط العام). وقال مصدر مصري إن القاهرة «تقف على الحياد وعلى مسافة واحدة من كل الأطراف في دارفور وفي السودان بصفة عامة، وتؤكد على أهمية التنسيق والتعان مع ليبيا ... الدور الليبي الشقيق مهم سواء على صعيد توحيد الصف في دارفور أو اقرار مصالحة سوادنية - تشادية لأن هذه أيضاً هي إحدى القضايا الأساسية لعناصر حل قضية دارفور». ومع حرص ممثلي الفصائل والمسؤولين المصريين على تأكيد التنسيق الكامل مع ليبيا، دافعت القاهرة عن عقد هذه المفاوضات ولم تعتبر أنها قطع على مفاوضات الدوحة التي قالت إنها توقفت. وقال وزير الخارجية أحمد أبو الغيط: «عندما قررت الجامعة العربية التحرك فى إطار مجموعة عمل عربية، بينها مصر، أطلقت مفاوضات الدوحة وللأسف وعلى رغم الدعم المصري والدولي والإقليمي قد توقفت... ونأمل بأن يكون التوقف لفترة محدودة». وأوضح أن «إحدى أولويات مصر هي محاولة مساعدة السودان وتشاد على تسوية المشاكل بينهما لأن الكثير من عواقب ونتائج الوضع في دارفور تأتي في شكل مباشر نتيجة للخلافات بين تشاد والسودان». وعن حركة العدل والمساواة، قال إن «لمصر اتصالاً موازياً معها... الجهود المصرية لا تمثل عملية ستنتهي غداً ومن يتصور أنها ستنتهي غداً وبالتالي توقفت فإنه لا يعي ولا يدرك الآليات التى تأخذها مثل هذه المفاوضات». وأشار إلى أنه «لكي يتم هذا التوافق لابد من منع التهميش وإتاحة الفرصة للمشاركة السياسية وللمشاركة في الثروة وأن يتم ذلك من خلال حل شامل ومع الاقتناع بأن العمل العسكري لن يؤدي الى تسوية». وأضاف «عندما اجتمعت مع ممثلي الفصائل كانت الصورة ايجابية وجميعهم تحدثوا وقالوا انهم يوافقون على السودان الموحد ولا يسعون الى فصل دارفور عن السودان ويعلمون أن هناك حاجة لتسوية شاملة ويثقون أنها تسوية شاملة وسياسية أي أنها لا تأتي نتيجة للعمل المسلح». وعقدت أمس جلسة جمعت الفصائل السبعة. وقال الأمين العام لحركة جيش تحرير السودان (الخط العام) مختار عبد الكريم آدم ل «الحياة» إن القاهرة تسعى إلى توحيد رؤية الفصائل والاتفاق على وفد تفاوضي واحد لأن تعدد أصوات حركات دارفور يشتت الجهد المبذول للتوصل إلى حل. وطلب منا المصريون توحيد رؤيتنا السياسية والاتفاق على برامج تفاوضية واحدة. وتهدف اجتماعاتنا إلى تحديد نقاط الاتفاق والاختلاف وعرضها على الوسيط المصري. وأوضح ان هدف الفصائل لا خلاف في شأنه، لكن الإشكالية في «الخلافات التنظيمية والهيكلية... كيف تجمع كل الفصائل في هيكل تنظيمي واحد، ولذا مصر تسعى إلى إعادة بناء الثقة... هناك مشاكل أخرى بخصوص صياغة هذه الرؤية السياسية، اختلاف حول بعض الكلمات». وأضاف «أن الملامح الأساسية المتفق عليها هي تقسيم السلطة في السودان وفقاً لنسب السكان على أن ينال سكان دارفور نصيبهم في السلطة المركزية من حصة الشمال من دون المساس بحصة الحركة الشعبية في الجنوب حتى لا يكون هناك إخلال باتفاق بيفاشا للسلام ونوافق أن يستمر هذا الوضع إلى أن يقرر الجنوبيون مصيرهم ونقول إن حل مشكلة دارفور سيكون داعماً لخيار الوحدة». وقال إن الفصائل متفقة أيضاً على ضرورة تحديد حدود اقليم دارفور بحدود العام 1956 وأن تكون هناك خطط تنموية للإقليم وتفعيل مبدأ التمييز الإيجابي وكذلك دفع الحكومة المركزية تعويضات للمتضررين من الصراع وعودة القبائل التي استوطنت دارفور إلى مناطقها الأصلية واسترجاع القبائل الدارفورية الأصلية أراضيها. وقال مصدر سوداني مشارك في الاجتماعات ل «الحياة» إن الفصائل توافقت على ضرورة نزع سلاح ميليشيا الجنجويد تحت إشراف دولي واقليمي «على أن تحتفظ الفصائل بسلاحها خلال الفترة الانتقالية التي تحدد بالتفاوض». في غضون ذلك، قال الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى إن «الموقف فى دارفور خطير ودقيق وهش ويتطلب منا جميعاً الحذر والعمل المشترك الدولي والإقليمي والوطني لإيجاد حل». ورداً على سؤال فى مؤتمر صحافي مشترك مع المستشار السياسي للرئيس السوداني غازي صلاح الدين تعقيباً على حديث الرئيس باراك اوباما عن ابادة جماعية فى دارفور، قال موسى: «تصريح الرئيس الأميركي لن يعيدنا إلى المربع الأول لأن للولايات المتحدة دوراً مهماً في السودان». ووصف صلاح الدين تصريحات أوباما بأنها «مؤسفة».