بدأ تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي ينفذ إعدامات ميدانية ويرجم النساء ويتطرف في تطبيق الشريعة الإسلامية، بتسيير رحلات «سياحية» لعناصره والمدنيين بين شمال سورية وغرب العراق، لتعريفهم على الأراضي التي يسيطر عليها وأعلن فيها إقامة «الخلافة» قبل نحو شهر. ويستغل بعض الجهاديين هذه الرحلات التي تتم في حافلات ترفع رايات التنظيم السود، لقضاء شهر عسل مع زوجاتهم في محافظة الأنبار العراقية، وفق ناشطين من مدينة الرقة، أبرز معاقل التنظيم في شمال سورية. ويقول ناشط يقدم نفسه باسم هادي سلامة لوكالة «فرانس برس» عبر الإنترنت، إن ابو عبد الرحمن الشيشاني (26 عاماً)، وهو مقاتل في صفوف التنظيم الجهادي، أمضى وزوجته الثانية شهر عسل في الأنبار. ويوضح الناشط أن الشيشاني شارك في إحدى هذه الرحلات برفقة زوجته السورية «بعد وقت قصير من زواجهما»، مضيفاً بسخرية «هؤلاء الجهاديون رومنسيون إلى حد كبير». إلا أنه، وبحسب الناشط، لم يجلس الشيشاني وزوجته جنباً الى جنب داخل الحافلة، «لأن النساء يجلسن في الخلف، والرجال في المقدمة». ويشير الى أن سائق الحافلة «يقوم ببث أناشيد جهادية طوال الرحلة». وسيطر التنظيم الذي كان يعرف سابقاً باسم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على مناطق واسعة في شمال العراق وغربه اثر هجوم واسع شنه في شهر حزيران (يونيو)، كما تمدد في شمال سورية وشرقها خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلن إقامة «الخلافة الإسلامية» في 29 حزيران (يونيو)، ونصب زعيمه أبو بكر البغدادي «خليفة» عليها. ويوضح أحد مقاتلي المعارضة في شرق سورية، أن «الرحلات» بدأت بعد تسمية البغدادي «أميراً للمؤمنين». ويقول سلامة إن رحلة الحافلات «تنطلق من مدينة تل أبيض (في ريف الرقة على الحدود التركية) وصولاً إلى محافظة الأنبار، ويمكن الراغبين النزول في أي مكان يرغبون، ولا حاجة لجوازات سفر لعبور الحدود». وأكد أن هذه الرحلات «ليست مجانية، إلا أن السعر يختلف بحسب المسافة التي يعبرها الركاب». ويوضح أبو قتيبة العكيدي، وهو قائد ميداني لمجموعة مقاتلة معارضة في محافظة دير الزور، أن غالبية المشاركين في هذه «الرحلات» هم من الجهاديين الأجانب. ويقول ل «فرانس برس» عبر الهاتف: «غالبيتهم أجانب. يتحدث بعضهم مع بعض باللغة الإنكليزية ويرتدون ملابس أفغانية، ويرافقهم مترجم بالزي الأسود يشرح لهم عن المناطق التي يزورونها». ويضيف أن بعض هؤلاء شوهدوا وهم يحملون كتيبات عن «شعارات الخلافة الإسلامية وتاريخها وأسباب نشأتها وعودة أمجادها»، مؤكداً أن المقاتلين لا يحملون أسلحتهم في الحافلات، إلا أن عربات التنظيم المزودة أسلحة رشاشة تواكب الحافلات. ويوضح ناشط يقدم نفسه باسم أبو إبراهيم الرقاوي ل «فرانس برس»، أن الرحلات «تنظم مرتين أسبوعياً، يومي الأربعاء والأحد. وهي تشبه الى حد كبير أي رحلة تنظمها شركة سياحية، باستثناء أنها تقتصر على مناطق سيطرة الدولة الإسلامية الموزعة بين بلدين، ويتم التعامل معها على أنها أرض واحدة». ويشير إلى أن هذه الرحلات بدأت تحظى ببعض «الشعبية» في أوساط المدنيين السوريين الذين لديهم أقارب على الجانب الآخر من الحدود. ويقول إن «العديد من الناس المقيمين (في شمال سورية وشرقها) ينتمون الى عشائر منتشرة في سورية والعراق، ويستخدمون الحافلات لزيارة أقاربهم». ولم يكن في الإمكان الحصول على معلومات حول هذه الرحلات من تنظيم «الدولة الإسلامية» نفسه. إلا أن حساب «ولاية نينوى» التابع ل «الدولة الإسلامية» على «تويتر»، نشر صوراً لحافلات كتب عليها «مشروع النقل المجاني الخيري»، وبدت صور أشخاص وهم يدخلون الحافلات التي ألصقت عليها أعلام «الدولة الإسلامية» مع تعليقات، بينها «إقبال المسلمين على النقل في الحافلات». وظهر التنظيم في سورية في ربيع العام 2013، كامتداد لتنظيم «دولة العراق الإسلامية» بزعامة البغدادي. ولقي بداية ترحيباً من مقاتلي المعارضة السورية الباحثين عن أي مساعدة ضد القوات النظامية، إلا أن الموقف سرعان ما تبدل مع لجوء التنظيم الى التشدد في تطبيق الشريعة، وتنفيذه إعدامات وعمليات خطف عشوائية واستهدافه ناشطين ومقاتلين. وتخوض فصائل المعارضة معارك عنيفة مع عناصر التنظيم في مناطق عدة منذ كانون الثاني (يناير)، ويؤكد معارضون أن تنظيم «الدولة الإسلامية» صنيعة النظام وينفذ له «مآربه». وفي المناطق التي تفرّد التنظيم بالسيطرة عليها، يتم «تكفير» كل من لا يوالي «الدولة»، وترغم النساء على ارتداء النقاب، والرجال على إطلاق لحاهم. وتفصل بين الناس «محكمة شرعية» بإشرافهم. وعمد عناصر التنظيم الى رجم امرأتين على الأقل بتهمة «الزنى» خلال الأسبوع الماضي. ويقول الرقاوي إن رحلات التنظيم الى العراق بدأت تستقطب أيضاً أشخاصاً عاديين من سورية «بعضهم يذهبون للقيام بأعمال تجارية، في حين أن آخرين يريدون فقط أن يأخذوا إجازة من القصف المتواصل في سورية».