احتدم الصراع بين المرشحين المحتملين لرئاسة مصر، على توكيلات تأييد الناخبين والنواب. وتبادل مرشحون الاتهامات بتقديم رشى للناخبين لقاء التوقيع على التوكيلات. وسجل أمس تقديم القيادي في الحزب الوطني المنحل الحاكم سابقاً نبيل لوقا بباوي أوراق ترشحه رسمياً عن حزب «المواطن المصري»، وهو أحد الأحزاب التي خرجت من رحم الحزب الحاكم سابقاً. وحضر بباوي الذي كان عضواً في مجلس الشورى قبل إطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك، إلى مقر اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات الرئاسية، مؤكداً أن لديه القدرة على إدارة البلاد. وتقدم عضو مجلس الشعب النائب محمد العمدة أمس لسحب أوراق ترشحه للرئاسة، موضحاً إنه تقدم مستقلاً لا يمثل حزباً معيناً. وأشار إلى أنه سيسعى إلى الحصول على توقيعات 30 نائباً للحصول على النصاب القانوني للترشح. وكانت حرب التوكيلات اشتعلت بين مرشحي الرئاسة منذ فتح باب الترشح السبت الماضي. ويسابق المرشحون الزمن للحصول على 30 ألف توكيل من ناخبين في 15 محافظة على الأقل من إجمالي 27 محافظة على مستوى البلاد، لا سيما في ظل عدم قدرة غالبية المتنافسين على الفوز ب30 توكيلاً من نواب البرلمان، وذلك قبل غلق باب الترشح المقرر له الثامن من الشهر المقبل. وتبادل المرشحون وأنصارهم الاتهامات بتوزيع هدايا ورشى للحصول على التوكيلات، فيما برزت مخاوف من دور للمال السياسي في حسم المعركة. وقال الناشط علي بهنساوي عضو الحملة الانتخابية للمرشح عبدالمنعم أبو الفتوح إن الحملة رصدت تقديم مرشحين لم يسمهم «رشى انتخابية للمواطنين لقاء التوقيع على توكيلات». وطالب اللجنة الانتخابية بالتدخل لضبط الأمور. وكرر مرشحون آخرون اتهامات حملة أبو الفتوح، كما اتهمت حملة محمد سليم العوا بعض موظفي الشهر العقاري بالترويج للمرشح السلفي حازم صلاح أبو إسماعيل. وقالت إن موظفي مكتب توثيق في مدينة العاشر من رمضان (شرق القاهرة) وضعوا لافتات وصور أبو إسماعيل داخل المكتب، ورفض الموظفون عمل أي توكيلات لأي من المرشحين الآخرين. وانتقدت حملة أحمد شفيق ما اعتبرته «دعايات انتخابية» قالت إن حملتي أبو الفتوح وأبو إسماعيل تقومان بها «أمام مكاتب الشهر العقاري في الكثير من المحافظات». واعتبرت ما يحدث «انتهاكاً لحظر الدعاية الانتخابية»، وطالبت اللجنة المشرفة على الانتخابات «بتوقيع عقوبات». وكان أبو الفتوح حذر من «تدفق المال السياسي على مصر لمصلحة بعض المرشحين من أجل شراء أصوات المصريين». وقال خلال إحدى جولاته الانتخابية إن «الأموال تتدّفّق على بعض مرشحي الرئاسة لشراء أصوات المصريين، ظناً منهم أن الشعب المصري سيبيع صوته لمن يدفع أكثر». وانتقد بهنساوي تأخر اللجنة القضائية في وضع ضوابط لتلقي المرشحين للتبرعات وتخصيص مصارف محددة لذلك، «ما سمح بتدفق الأموال على بعض المرشحين من دون رقابة». وأشار إلى أن «هذا الأمر يصيب شفافية الانتخابات، وبعض المرشحين ينفقون ببزخ على الدعاية». إلى ذلك، التقى رئيس المجلس العسكري الحاكم المشير حسين طنطاوي أمس الرئيس السابق لمجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي التي طلبت منه السماح للمنظمات الدولية بالإشراف على الانتخابات الرئاسية المقرر أن تنطلق أواخر أيار (مايو) المقبل. وأفيد بأن اللقاء تطرق إلى ملف أزمة المنظمات الحقوقية الأجنبية في مصر. وكشف مصدر عسكري ل «الحياة» أن «المحادثات دارت حول العلاقات الاستراتيجية التي تربط القاهرةوواشنطن، ومستقبل التعاون في عدد من الملفات المطروحة حالياً، ومنها المساعدات العسكرية». ونقل عن بيلوسي طلبها خلال اللقاء الذي حضره رئيس الأركان الفريق سامي عنان وعدد من أعضاء المجلس العسكري، ضرورة مشاركة المنظمات الدولية في الإشراف على الاستحقاق الرئاسي المرتقب. وعلمت «الحياة» أن هناك اتجاهاً نحو الاستجابة لطلب واشنطن على غرار ما حصل في الانتخابات البرلمانية، لكن بعد تقنين أوضاع المنظمات الأجنبية العاملة في مصر وتوقيع تراخيص عمل لها. واعتبر المصدر العسكري أن «أهمية زيارة بيلوسي التي تتقلد منصب زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس النواب الأميركي، تأتي في إطار المحاولات الأميركية المستمرة لفهم الاتجاه العام للسياسة المصرية في المرحلة الحالية، والتفاهم في عدد من المواضيع التي تهم البلدين، والتي تحاول الإدارة الأميركية أن تضمن وجود حد أدنى من التفاهم في شأنها، وهو ما يفسر توالي زيارات قادة عسكريين ونواب أميركيين إلى القاهرة». وكانت بيلوسي بدأت لقاءاتها مع مساعد وزير الخارجية السفيرة وفاء بسيم قبل أن تذهب إلى مقر وزارة الدفاع. وبعدها التقت رئيس البرلمان سعد الكتاتني وعدداً من نواب مجلس الشعب. وأكدت بيلوسي في تصريح مقتضب عقب لقاء الكتاتني أن اللقاء تناول «تبادل الآراء في شأن قضايا الأمن والاقتصاد والديموقراطية التي تهم البلدين». في المقابل، قال وكيل (نائب رئيس) البرلمان النائب عن حزب «النور» السلفي أشرف ثابت إن «اللقاء تناول موضوع التمويل الأميركي لبعض منظمات المجتمع المدني وما يعانيه الشعب الفلسطيني من انتهاكات». وأضاف أن «النواب الذين حضروا اللقاء طالبوا كلهم بضرورة الإفراج عن المسجونين المصريين في السجون الأميركية، خصوصاً الشيخ عمر عبدالرحمن، وطلبوا من الوفد نقل هذه الرغبة إلى الإدارة الأميركية». وقال رئيس لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان عصام العريان الذي حضر اللقاء: «رفضنا التدخل في الشؤون المصرية، وأكدنا أن تمويل منظمات المجتمع المدني يجب أن يتم عن طريق القنوات الرسمية وفي إطار من القانون والشفافية، ورفض المجلس الانحياز الأميركي لإسرائيل على حساب الفلسطينيين ورحبنا بأن يكون هناك دعم للتحول الديموقراطي في مصر». وأضاف: «اكدنا للوفد أن الشعوب العربية أثبتت أنها ليست استثناء من الديموقراطية وأن المنطقة لن تعود إلى الوراء أبداً»، مشيراً إلى أن «مجلس الشعب رفض كلمة أقلية عن الأقباط، وأوضحنا لهم أن الدستور الجديد سيتم وضعه بمشاركة كل أطياف المجتمع المصري وأن مصر في حاجة الآن إلى حكومة تدعمها الغالبية البرلمانية».