صور فوتوغرافية قديمة لأسرة مصرية، الأب والأم والأبناء. ملصق ورقي على جدران عدد من الشوارع في مدينة زيوريخ السويسرية. الصور تدل على انتماء أصحابها. ملامح شرق أوسطية لرجل خمسيني، وزوجة محافظة، يتطلعان إلى سكان هذه المدينةالغربية في ثبات، لسان حالهما يتساءل عمن أتى بهما إلى تلك المدينة الباردة. تمثل تلك الصور الفوتوغرافية جزءاً من أعمال الفنان المصري إبراهيم سعد، المعروضة حالياً في زيوريخ، بدعوة من المؤسسة السويسرية «رووت فابريك زيوريخ»، تحت عنوان «العائلة المقدسة». وهو مشروع فني قيد الاستكمال، كما يصفه صاحبه، ويؤرخ لعائلة مصرية تنتمي إلى الطبقة المتوسطة، استخدم فيه سعد مجموعة من الوسائط البصرية كالفوتوغرافيا والصوت والفيديو والنصوص المكتوبة، محاولاً البحث في سيرة هذه الأسرة من طريق الصور القديمة تارة، والسرد النصّي تارة أخرى، بما يتضمنانه من حكايات حياتية وأفلام عائلية تجمع لحظات السعادة والحزن، الصمود والانكسار، أمام قسوة الحياة ومتعها الصغيرة. فهو، كما يقول، يحاول التعبير عن فئة واسعة من العائلات المصرية البسيطة في صراعها اليومي من أجل الاستمرار على رغم ما تواجهه من صعوبات اقتصادية. هي عائلة متوسطة تقاوم لتبقى، كملايين الأسر المصرية التي وجدت نفسها، خلال العقود الثلاثة الماضية، عُرضة لأزمات شتى عصفت بالمجتمع. ففي ظل تخبط السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، عانت الطبقة المتوسطة من اضمحلال تدريجي، ما استتبع اختلالاً في منظومة المجتمع والقيم التي كانت سائدة. يؤرخ الفنان في مشروعه من طريق الصورة والصوت والمحاكاة البصرية لعائلته هو. يقف أمام الجمهور ليروي حكايته الشخصية، وينتقل عبر هذا السرد إلى سيرة الأسرة في صورته الذاتية الخاصة، ثم التعبير عن كل الأسر التي تتشارك التجربة نفسها في أي مجتمع. يمزج السرد البصري بالكلمات، ليرسم مشهداً موجزاً لرحلة شاقة خاضتها أسرته من أجل البقاء. يقول سعد: «أحاول الوصول إلى الحقيقة. فحين يصل الإنسان إلى الحقيقة سيدرك أنه على حق، ليس لأنه وجد سعادته، بل لأنه كلما بحث وأعاد حساباته وجد أنه يصل إلى نتائج متعددة. فالحقيقة ليست عملية حسابية تعالج بالعقل والمنطق فحسب. وتلك الصور تعبر عن حال عائلات كثيرة في مختلف أنحاء العالم تمر بالصراع نفسه». إبراهيم سعد (مواليد 1977) يعيش ويعمل في القاهرة. تخرّج في كلية الفنون الجميلة - جامعة حلوان عام 2000، ويعمل منسقاً للبرامج البصرية في مركز «الجزويت» (الآباء اليسوعيين) في القاهرة. شارك في تنظيم ورش فنية لحساب مؤسستي «سوا» و «أجيال» في القاهرة، إضافة إلى تعليم الفن للأطفال في قاعة «أرت اللواء». تنحى أعماله دائماً إلى الجانب الفطري في صياغاتها، كما تغلب عليها الذاتية في محتواها البصري، هذه الذاتية التي ينطلق من خلالها للتعبير عن الحياة والإنسان.