تحول الاعتراض الذي نفذه امس طلاب من حزبي «الكتائب اللبنانية» ومن «الوطنيين الأحرار» على صياغة كتاب التاريخ الوطني، في ساحة رياض الصلح، إلى اشتباك بالأيدي بين المحتجين وعناصر من القوى الأمنية كانت مولجة حماية السراي الكبيرة ومحيط المجلس النيابي ما أدى إلى حصول إصابات من الطرفين. وكان الاعتصام الذي دعت إليه مصلحة الطلاب في حزب «الكتائب» ومنظمة الطلاب في حزب «الوطنيين الأحرار» في محيط السراي تحت شعار «إذا أردت أن تتغلب على شعب نسِّه تاريخه»، بدأ حين تقدمت سيارة تحمل مكبرات صوت في اتجاه الطوق الأمني عند شارع المصارف وعندما حاول الضابط المكلف منع سائقها من إيقافها بعرض الطريق انهال المتظاهرون عليه بالضرب بعصي الرايات والأعلام، فردت القوى الأمنية على الطلاب، وتحدثت «الوكالة الوطنية للإعلام» (الرسمية) عن إصابة أربعة عناصر من قوى الأمن الداخلي بينهم ضابط في إشكال رياض الصلح. ونقل فوج إطفاء مدينة بيروت ثلاثة من الجرحى إلى مستشفى الوردية وإصابتهم طفيفة. وذكرت وكالة «الأنباء المركزية «أن من بينهم نمر كميل شمعون والرقيب إدي عون والدركي المتمرن الياس أبو رجيلي. وعلق منسق اللجنة المركزية في حزب «الكتائب» النائب سامي الجميل على الإشكال قائلاً إن «هذه التظاهرة هي الرابعة لطلاب الكتائب، والقوى الأمنية لم تتعرض للطلاب في السابق، فلماذا كان التعرض لهم اليوم؟». ولفت الجميل في حديث عبر محطة «أم تي في» إلى أن «ساحة الشهداء شهدت الأحد الماضي تظاهرات لم يتخللها أي نوع من الإشكالات، فلماذا هذا التعرض الوحشي للطلاب الذين يطالبون بحقهم؟»، سائلاً: «لماذا موضوع كتاب التاريخ يزعجهم؟ هل لأنهم تعودوا أن يكون المسيحي خلال فترة طويلة من الزمن مغلوباً على أمره؟ هل إن تحرك الأحزاب المسيحية التي كانت موجودة في تلك الفترة للمطالبة بحقها، يستحق أن يجري التعرض له بهذه الطريقة؟». ونبه إلى أن «هذا الموضوع في بداياته»، وحذر من أن «أي محاولة للاستمرار فيه بالشكل المطروح ستقابلها تظاهرات وتحركات جديدة من قبل حزب الكتائب». وإذ حمل «السلطة التنفيذية مسؤولية ما قامت به القوى الأمنية من قمع للتظاهرات والاعتداء على الطلاب»، رأى انه «كان على الأجهزة الأمنية ترك الشباب يعبرون عن رأيهم في شكل سلمي وعدم التعرض لهم»، مشدداً على أن «ما جرى أمر مرفوض ومستنكر بالكامل». ولاحقاً، صدر عن مصلحة الطلاب في «الكتائب» ومنظمة الشباب في «الوطنيين الأحرار» بيان أكدا فيه أن «التظاهرة كانت سلمية وتفاجأت فور وصولها إلى نقطة التجمع أمام السراي الحكومي بإجراءات أمنية مشددة وتضييق مساحة الاعتصام ليتسع فقط لمئة طالب لا اكثر». وبعدما حاول طلاب الكتائب والأحرار التجمع، انهالت عليهم القوى الأمنية بالضرب بالعصي والهراوات، موقعة اكثر من 7 جرحى نقلوا إثرها إلى مستشفيات المنطقة. وتراوحت إصاباتهم بين الطفيفة والمتوسطة. وأضافا انه «لن تردعنا لا همجية أمنية ولا اعتداء بعيد كل البعد عن الديموقراطية وحرية التعبير وحرية التظاهر التي كفلها الدستور اللبناني ويحاول بعضهم اليوم الانقلاب عليه». وسلم المعتصمون ممثلين برئيس مصلحة الطلاب في الكتائب باتريك ريشا ورئيس منظمة الطلاب في الأحرار سيمون درغام كتاباً إلى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ينتقد «مسودّة منهج كتاب التاريخ الّذي أعدّته اللجنة الأكاديميّة وناقشته اللجنة الوزاريّة الّتي شكلتموها، إذ وجدنا أنّ هذا المنهج المقترح فيه ثغرات خطيرة ومغالطات تحيد بالكتاب عن هدفه التّعليميّ، وتجعله مادّة لاستقواء جماعة على غيرها أو تقاسم مواقف ومغانم مزعومة عبر تدوين أحداث وإغفال أخرى من دون وضع معايير علميّة صحيحة للأحداث المفصليّة التّاريخيّة، أو عبر إقحام شخصيّات لا صفة تاريخيّة لها»، مطالبين «بكتاب جديد موحّد من خلال آلية علميّة جديدة تبرز مختلف وجهات النظر في المواضيع الخلافية، فيفهم التلميذ تصرّف الفرقاء كلّهم ويتوصّل إلى استنتاجه الخاصّ من دون أن ينسخ أفكار طرف دون آخر. نريد مجتمعًا يحترم حقّ الآخر بالاختلاف. نريد دولةً تعترف بالمساواة بين المواطنين. نريد كتاب تاريخ يحترم التاريخ ولا يكذّبه».