إنس صفافير ال"فوفيزيلا" وزعيقها المزعج، على رغم أنها قد تكون حاضرة. تذكّر شعار "لنحتفل"، الذي يُنطق بلغة قبيلة الزولو الإفريقية، بكلمة "جابولاني" Jabulani. هل تثير هذه الكلمات ذكريات معيّنة؟ حسناً. بعد أن حوّلت شركة "أديداس" شعار "لنحتفل" إلى كرّة فائقة الخفّة لُعبِت بها كرة القدم في "مونديال جنوب أفريقيا 2010"، عادت الشركة عينها لتُسدّد ضربة اخرى. إنها ال"تانغو 12": الكرة التي اعتمدتها هيئة ال"فيفا" لتُلعب بها مسابقات "كأس أوروبا 2012" التي تستضيفها بولندا وأوكرانيا في الصيف المقبل. ربما سحر ميسي في مونديال 2010، وُصِفت كُرة "جابولاني" بأنها على خفّة كبيرة، وأربكت اللاعبين وحراس المرمى، كما قيل عنها أنها أقرب الى الكرة التي تلعب بها منافسات كرة اليد او الشاطئ! وسرعان ما تعوّد اللاعبون عليها، بل ربما أعطت الأسطورة ليونيل ميسي كثيراً من المرونة في مراوغاته المُذهلة وأهدافه الراقية فنياً. بعد قليل، يتوجّب على لاعبي أوروبا التأقلّم على كرة أخرى. ويلفت في "تانغو 12" أنها سُمّيت على إسم الرقصة التي تشتهر بها الأرجنتين. هل لهذا الأمر علاقة بأن ميسي، الذي يحوز حاضراً شعبية كاسحة في أوروبا، هو أرجنتيني؟ على غرار "جابولاني" التي حملت 11 لوناً في إشارة الى عدد لاعبي كرة القدم واللغات المستخدمة في جنوب أفريقيا، زَيّنت "أديداس" كرة "تانغو 12" بشارات مستوحاة من أعلام الدول الأوروبية. رجل الروبوت الحديد لقد إستهلت "تلستار" Telstar الشهيرة (من "أديداس" أيضاً) تقليد صنع كرة صمّمت خصيصاً للمونديال، فلُعِبت في مونديال المكسيك 1970. وتكوّنت "تلستار" من 32 قطعة باللونين الأبيض والأسود، جُمِعت الى بعضها البعض بالخيوط. وفي التفاصيل ان هذه الكرة ظهرت في أوروبا 1968، واستُخدِم في صنعها طلاء خاص هو "ديورلاست" Durlast الذي يتحمل تتالي ضربات الأقدام عليه. واستمرت هذه الكرة في أوروبا حتى العام 1976. وفي مونديال 1986، ظهرت كرة "تانغو" التي كانت أولى في أنها لم تصنع من الجلود. الطريف أن الأرجنتين فازت بهذا المونديال الذي حملت كرته إسم رقصتها! هل ثمة خيط يربط بين الأمرين، سوى شركة "أديداس"؟ في السياق عينه، فإن اخر كرة صمّمتها هذه الشركة للمونديال كانت "تيم غيست" Teamgeist التي ظهرت في مونديال ألمانيا 2006. وتميّزت بأنها صنعت من دون خيوط، بل لُحمت أجزاءها بعضها بعضاً باللحام الحراري. واستطراداً، صنعت "أديداس" كرة "أتروسكو يونيكو" لكأس أوروبا 1992، و"كويسترا" المصنوعة من رغوة صلبة لمادة البولي إيثلين توسيد (كأس أوروبا 1996)، و"تيريسترا" المصنوعة من مادة صناعية أساسها التوسيد المُركّب ("يوروكاب- 2000") و"روتيرو" التي لُعبت بها منافسات ("يوروكاب- 2004) ولم تكن مخاطة يدوياً، ثم "يوروباس" التي خُصّصت ل"يوروكاب 2008" وتميّزت بأنها صُنعِت من شرائح متعددة، ما جعل سطحها الخارجي خشناً، وهو أمر سهّل على حراس المرمى إلتقاطها. وتُلعب مباريات "يوروكاب 2012" بكرة "تانغو" التي إعتمدتها ال"فيفا" بعد إختبارات وُصِفت بأنها الأوسع تاريخياً. وشملت الإختبارات هواة ومحترفين في 8 دول. وتتميّز بأنها تضمّ جسماً داخلياً، على غرار ما كانته كُرات الرياضة في الخمسينات، مصنوع من مادة "بوتيل" التي تحتبس الهواء بصرامة، حتى مع التعرض لضغوط قوية. وصُنع الجسم الخارجي من شرائح قليلة العدد، لُحمت بعضها بعضاً بالحرارة، ما يجعلها قادرة على الإحتفاظ بشكلها وحجمها، حتى تحت الضغط الشديد. ولعل أكثر الإختبارات قسوة هو الذي جرى في المختبرات، بواسطة رجل الروبوت. وصمدت "تانغو 12" لركلات هذه الرجل الحديد، التي كرّرت ركلاتها بشكل متواتر. وصمدت "تانغو". وأثبتت قدرتها على إصابتها الهدف تكراراً، بواسطة رجل الروبوت، من مسافة 22 متراً، ضمن هامش لم يتعد سنتيمترات دقيقة. كيف تكون حال أرجل البشر، التي لن تكون ضمنها قدما ميسي في صيف 2012؟ لننتظر. ولنر.