أثار مسلسل «روبي» حتى قبل بث حلقته الأولى حنيناً وأسئلة عن الدراما اللبنانية، وما إذا كانت ستعود بقوّة، هي التي كان لها ذات يوم شأنها وبريقها وهما يخترقان الزمن ويلمعان في ذاكرة كثر من المشاهدين المخضرمين. لن نستبق انتهاء بث حلقات المسلسل للحكم على قيمته ومستواه الفني، لكننا مع ذلك نشير في هذه العجالة إلى فكرة أن ينهض عمل درامي عربي على جهود ومشاركة نخبة من الفنانين من أكثر من بلد عربي هي هنا سورية ولبنان ومصر. الأمر لا يتعلق في حالة «روبي» بتلك العادة القديمة لسينما الستينات وبعض السبعينات التي لجأ صانعوها إلى خليط من الممثلين من أكثر من بلد واحد، لكنه يتعلق بفكرة أن تكون الدراما التلفزيونية مساحة للتفاعل الحيوي في جمالية تتيح للجميع الاستفادة من خبراتهم، ولكن الأهم أنها تتيح فرصة لخلق مناخ درامي مختلف، خصوصاً أن الدراما هي في إحدى سماتها الأهم مناخ مجتمعها الذي تخلقه القصة التلفزيونية، وأيضاً رؤية الكاتب والمخرج ومن معهما من طاقم العمل. هي تجربة من إعداد الممثلة والكاتبة اللبنانية كلوديا مارشليان وإخراج السوري رامي حنا، وما شاهدناه حتى الآن يشير إلى حيوية الكاميرا التي جاءت حدقة جميلة تتجوّل بيسر بين الأماكن والزوايا، كما بين اللقطات الجانبية والصغيرة فتنجح في جعل المشاهدة بالغة المتعة. «روبي» كمسلسل «معرّب» لا ضرورة لأن يقارنه النقد الفني بنسخته «الأصلية»، فما يهمنا هنا هو العمل بحد ذاته، الذي لا مناص من رؤيته على هذا النحو، لأننا معه إزاء دراما «محليّة» ليس لها سندها في العلاقة مع جمهور مشاهديها سوى جدارتها هي، أما ما يتبقى من «معلومات» عن الأصل والتعريب فليست سوى تفاصيل تأتي لاحقاً. خيوط متعدّدة لقصص حب من الواضح أنها تنطلق من رغبة في نسج علاقات حب أقرب إلى الخليط، ولم لا، ما يهمنا هو مآل تلك الخيوط وحكاياتها وحيوية العمل ككل، بل وقدرته على الإقناع أولاً، والإمتاع بعد ذلك. لا ننسى أخيراً سؤال مطلع هذه الزاوية: هل يمهّد «روبي» لصحوة درامية لبنانية حقيقية تأتي هذه المرة بصورة أكثر عصرية؟