لا تستقطب خدمة الإنترنت التي أطلقتها شركات الخليوي في العراق المشتركين، بالطريقة التي عقدت الآمال عليها. وترجع هذه الخيبة إلى أمور عدّة تتضمن أن هذه الشركات تتقاضى أسعاراً مرتفعة لخدمة الإنترنت على الخليوي، كما تغيب نُظُم الاشتراكات الشهرية عن هذه الخدمة أيضاً. وتستقطع هذه الشركات بدلاً عن خدمة الوصول الى الإنترنت بالخليوي، من الرصيد المدفوع مسبقاً. ولم يحظَ هذا الأمر برضا كثيرٍ من المشتركين في هذه الخدمة، مع الإشارة الى تفرّد شركة «موبيتيل» في تقديم سعر معقول للخدمة عينها منذ العام الماضي. وجعلت «موبيتيل» الاشتراك شهرياً في هذه الخدمة ب15 دولاراً. في المقابل، سجّلت شركة «آسيا سيل» سبقاً في تقديم هذه الخدمة للجمهور، وحدّدت أسعارها وفق عدد وحدات ال «ميغابايت» المقدّمة للمستهلك، لكنها لم تتمكن من الوصول الى العدد الذي وعدت به. وعلى رغم وصول عدد مشتركي «آسيا سيل» الى أكثر من سبعة ملايين مشترك، فإن نسبة المشتركين في خدمة الوصول إلى الإنترنت لا تتجاوز ال 7 في المئة منهم، وفق احصاءات الشركة نفسها. وبرّرت «آسيا سيل» هذا الأمر بجهل غالبية مشتركيها بطريقة استخدام الإنترنت! وادّعت أن كثيراً منهم لا يجيد القراءة والكتابة، ولا يُحسِن استخدام الإنترنت أيضاً. في السياق عينه، رفضت شركة «كورك» الإعلان عن أعداد المشتركين في خدمة الإنترنت لديها. وتوحي أشياء مثل محدودية المنطقة التي غطتها الشركة في السنوات الماضية، واقتصار عملها على إقليم كردستان، وعدم توسّعها في طرح خدماتها في بغداد إلا قبل عام، بأن جمهورها أصغر مما اجتذبته الشركات الاخرى للوصول الى الإنترنت من طريق الخليوي. وأوضح كامران محمد، من مشتركي «كورك» أنه لا يدخل إلى الإنترنت إلا في حالات ضرورية، كأن ينتهي رصيده لدى من يزوّده بخدمة الإنترنت من طريق الهاتف الثابت. وأرجع محمد تصرفه إلى سوء خدمة الوصول الى الإنترنت من طريق الخليوي، وتقطّعها باستمرار، إضافة إلى تقاضي الشركة بدلاً مرتفعاً عن هذه الخدمة تصل إلى 1.5 دولار مقابل ربع ساعة من الاتصال بالإنترنت، مُلاحِظاً أن هذا البدل يرتفع مع زيادة تحميل المواد من الإنترنت. الشباب يتحدّون بالتقنية حاولت «كورك» كسب زبائن جدد عبر طرح خدمة الإنترنت بطريقة الاشتراك الشهري المدفوع مسبقاً بقيمة 40 دولاراً شهرياً. وسرعان ما واجهت هذه الخدمة منافسة شديدة من مقدمي خدمة الإنترنت العادية. إذ طرح هؤلاء أجهزة «يو إس بي» USB زهيدة السعر، يمكن حملها بسهولة، وربطها بالخليوي، خصوصاً أنواعه الحديثة. وعمدت شركة «زين» (يزيد جمهورها على تسعة ملايين مشترك) إلى تقديم خدمة الإنترنت بأسعار مرتفعة، لكنها تداركت الأمر أخيراً بتقديم خدمة إنترنت تشمل «الدردشة» وتبادل الرسائل النصية، مقابل بضعة سنتات. وبدا شباب العراق أكثر إقبالاً من سواهم على هذه الخدمة التي تسمح لهم بالدردشة لمدة 24 ساعة بأسعار زهيدة. وعلى رغم كثرة المشتركين في هذه الخدمة المُسمّاة «واتس آب»، what's up والتي تُفعّل عبر تنصيب برنامج متخصّص بها على الخليوي، إلا انها لم تؤدِ إلى توسيع قاعدة المشتركين في خدمة الوصول إلى الإنترنت من طريق الخليوي. وفي حديث إلى «الحياة»، أكّدت إدارة التسويق في «زين» أن خيبة الأمل التي اصابت شركات الخليوي في صدد خدمة الاتصال بالإنترنت، لم تثنِ «زين» عن محاولة طرح خدمات نوعية سعياً إلى كسب مزيد من الزبائن. ويبدو أن التنافس بين شركات الخليوي في العراق على خدمة الوصول الى الإنترنت، قد يدفعها الى تقديم خدمات جديدة على أمل اجتذاب الجمهور. في المقلب الآخر من هذه الصورة، بدا أصحاب الخليويات غير المتطوّرة، أقل إقبالاً من غيرهم على خدمة الوصول إلى الإنترنت، ليس بسبب جهلهم استخدام الشبكة العنكبوتية، بل لافتقار هواتفهم الى برامج تتوافق مع هذه التكنولوجيا الحديثة.