دعت فرنسا إلى إقرار وقف لإطلاق نار في حي بابا عمرو في حمص للسماح ب «إجلاء آمن وسريع» للصحافية الفرنسية أديت بوفييه، معلنة بذلك ضمناً أن هذه الأخيرة لا تزال في حمص. ويأتي ذلك فيما قال ناشطون إنه خلال تهريب الصحافيين الغربيين تعرض الناشطون الذين كانوا يساعدون على تهريبهم إلى كمين من قبل السلطات ما أدى إلى مقتل نحو 13 ناشطاً سورياً. وأعلن الناطق باسم الخارجية الفرنسية برنار فاليرو في تصريح صحافي أمس: «نتوقع من حكومة دمشق أن تعمل على توافر كل الشروط لإجلاء آمن وسريع وخصوصاً عبر وقف فوري لإطلاق نار في بابا عمرو». وأضاف الناطق أن «فرنسا تحشد قواها لإنجاح عملية إجلاء لمواطنيها الاثنين العالقين في حمص، مع السلطات السورية واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر»، في إشارة إلى الصحافيين أديت بوفييه ووليام دانيلز. وأديت بوفييه الصحافية التي تعمل لحساب لوفيغارو أصيبت بجروح خطرة في 22 شباط (فبراير) أثناء قصف أودى بحياة الصحافية في صحيفة صانداي تايمز ماري كالفن والمصور الفرنسي ريمي أوشليك. والصحافي الإسباني خافيير اسبينوسا موجود أيضاً في حمص ويعتقد أنه مع بوفييه. وكان مصدر لبناني قال أول من أمس إن الصحافية بوفييه موجودة في لبنان بعد نجاح تهريبها من حمص. وأكد الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي النبأ قبل أن يتراجع عن تصريحاته ويقدم اعتذاره، قائلاً إنها ما زالت في حمص، وإن الاتصالات هناك صعبة والعملية معقدة. وأكدت الناطقة باسم الحكومة الفرنسية فاليري بيكريس أمس أن التصريحات الأولى للرئيس ساركوزي حول مصير الصحافيين جاءت كرد فعل على معلومات «قدمها الصحافيون». وقالت فاليري بيكريس: «اليوم، نتابع ساعة بساعة مسألة إجلاء الصحافيين الفرنسيين من سورية... لكنكم تتفهمون أنه لا يمكنني الإدلاء بأي شيء حول هذه المسألة ولا إعطاؤكم المعلومات التي في حوزتنا». وبعد تقارير متضاربة والتباس حول مصير بوفييه، وضح أمس أنها ما زالت على الأغلب في حمص وأن المخاطر تتزايد حولها بسبب العملية البرية التي شنها الجيش السوري أمس في حي بابا عمرو في حمص. وبالإضافة إلى بوفييه هناك عدد آخر من الصحافيين الغربيين محاصرين في بابا عمرو. وقال نشطاء إن بوفييه عادت إلى بابا عمرو مع الصحافي الإسباني خابيير اسبينوسا والمصور الفرنسي وليام دانيل بعد محاولة فاشلة لتهريبهم. ويعتقد أن سبب تعقيد عملية إخراج بوفييه يعود إلى إصابتها بكسر في الفخذ يجعل نقلها يحتاج إلى عربة أو حامل لنقلها. أكدت سورية امس «التزامها الإنساني» بإجلاء الصحافيين الغربيين من حمص، مبررة فشل محاولات الإجلاء برفض «المسلحين» تسليمهم. وذكر الناطق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي في مؤتمر صحافي عقده في مبنى الوزارة ان «سورية لن تتهرب من التزاماتها الانسانية، وقمنا بهذا السياق بثلاث محاولات لإجلاء الجثامين باءت بالفشل». وأضاف: «فوضنا الهلال الاحمر بالتعاون مع اللجنة الدولية للصليب الاحمر، لكنها (المفاوضات) باءت بالفشل لأن المسلحين رفضوا تسليم الجثث والصحافيين تحت ذرائع مختلفة ورفضوا ايجاد حل لهذه المأساة الانسانية». وذكر ان «الجانب السوري خصص طائرة مروحية لنقل الصحافيين لكنهم رفضوا»، مضيفاً: «نحن ملتزمون انسانياً ونريد تأمين إجلائهم»، مشدداً على ان «التعطيل ليس من الجانب السوري». ولفت مقدسي الى ان الصحافيين «استعجلوا الدخول الى مناطق غير آمنة وهم يتحملون مسؤولية ما حدث لهم»، إلا ان بلاده «تود المساعدة بغض النظر عن هذه المغامرة السيئة». وفي لندن، قال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إن المصور المصاب بول كونروي موجود حالياً في السفارة البريطانية في بيروت بعد أن تم تهريبه من حمص. وأشاد كاميرون بشجاعة كونروي والنشطاء الذين ساعدوه على مغادرة حمص حيث أصيب في هجوم بصاروخ على مركز موقت للإعلام أقيم في حي بابا عمرو الذي قتلت فيه ماري كولفين وريمي اوشليك. وما زالت جثتاهما موجودتين في حمص. وذكرت منظمة «آفاز» غير الحكومية التي ساعدت في تنسيق محاولة الإنقاذ ان 13 ناشطا قتلوا اثناء محاولتهم مساعدة كونروي على الخروج من حمص. وقال كاميرون «اود ان اشيد بكونروي، وكذلك بالاشخاص الشجعان الذين ساعدوه على الخروج من سورية والذين دفع العديد منهم ثمنا غاليا للغاية مقابل ذلك». وافادت صحيفة «واشنطن بوست» الاميركية عن مقتل 13 ناشطا سوريا خلال محاولة تهريب أربعة صحافيين أجانب من حمص، ملقية الضوء على المخاطر التي تنطوي عليها محاولة إخراج الجرحى من المدن السورية. وأضافت الصحيفة أن «قوات الأمن السورية نصبت كمينا للمجموعة، والتي شملت نحو 40 ناشطا، فضلا عن أربعة صحافيين، بينما كانوا يحاولون مغادرة حي بابا عمرو.