فرصة «ذهبية» لطالما انتظرتها العائلات العراقية منذ مدة، تلك التي بدأت المؤسسات الحكومية تطبيقها بمنح موظفي الدولة سلفة (قرض) خاصة تعادل 100 راتب من رواتبهم. فالحصول على منزل صغير ومستقل خارج إطار العائلة بات حلماً بعيد المنال للكثير من العائلات العراقية التي وجدت أن الرواتب يتم إنفاقها في قطاعات خدماتية تستنزف موازنة العائلة ولا تترك لها مجالاً لتوفير بعض منها لشراء منزل صغير يجنّبها التهديدات الشهرية بزيادة مبالغ إيجار السكن من قبل المالكين. وعلى رغم أن ظاهرة أزمة إيجار المنازل تبدو أمراً طبيعياً في غالبية الدول، إلّا أن العائلة العراقية التي لا تملك منزلاً غالباً ما تتذمر بسبب أوضاعها وتشعر بالعار لكونها تدفع أجور سكن شهرية لمالكين لا يتراجعون عن المطالبة بالمزيد في بداية كل شهر، ويعمدون إلى إخراج السكان عند امتناعهم عن الدفع. سارة، موظفة تمكّنت من الحصول على السلفة المذكورة اشترت منزلاً صغيراً إلى جانب بيت عائلتها تسكن فيه مع زوجها وطفليها، وتقول: «ندفع 500 دولار إيجار سكن فضلاً عن حاجات الصغيرين، وعلى رغم أن راتبينا مناسبان إلّا أن التوفير منهما لشراء منزل يكاد يكون مستحيلاً مع ارتفاع الأسعار». وترى الأم الشابة أن خطوة شراء المنزل ستؤمن مستقبل ولديها وتمنح العائلة شعوراً أكبر بالأمان. وتضيف: «تمضي الأيام بسرعة وندفع الإيجار تلو الإيجار ونخشى أن يطالبنا صاحب المنزل بمبالغ إضافية في كل مرة». نظام السلفة الذي بدأ العمل به منذ ما يقارب الخمسة أشهر مضت في غالبية دوائر الدولة ومؤسساتها، اشترط منح أحد الزوجين سلفة في حال كونهما موظفين في الدوائر الرسمية وعدم السماح بمنح الاثنين معاً. ما منح الأسر العراقية فرصة امتلاك المنازل بالطريقة التقليدية المعمول بها في العراق، إذ يتم شراء قطعة أرض مناسبة داخل حي سكني ومن ثم الحصول على سلفة عقارية من أحد المصارف العقارية في البلاد لتشييد منزل ملائم. خليل، موظف، ما زال ينتظر الحصول على السلفة. يقول إنه أكمل كل الإجراءات المطلوبة ويتهيأ لاستلام 60 مليون دينار عراقي (50 ألف دولار) لشراء قطعة أرض وتشييد منزل. ويضيف: «توزعنا الأدوار في القروض، أحصل انا على السلفة لشراء قطعة أرض، على أن تعمل زوجتي لاحقاً على التقدم بطلب قرض عقاري يخوّلنا بناء منزل». الحلم بامتلاك منزل مستقل بدأ يتحقق شيئاً فشيئاً للعائلات المتوسطة التي تعيش في مساكن مؤجّرة منذ سنوات طويلة، بخاصة أن أحد أهم شروط منح السلفة هو تقديم الموظف سنداً عقارياً يتضمن منزلاً أو قطعة أرض لضمان عدم تبديد المبلغ الممنوح في أمور أخرى غير توفير السكن. لكن استثمار القرار فات بعض العائلات التي ما زالت تطمح إلى الحصول على مساكن رخيصة الثمن، على رغم ارتفاع الأسعار في شكل كبير منذ بدء التطبيق، والتي اشترت قطع أرض في مواقع بعيدة وغير مسكونة لتلبية شرط منح السلفة فقط. وبخاصة أن أسعار العقارات في العراق ارتفعت في شكل ملحوظ منذ الإعلان عن القرار في بداية العام الماضي، وتضاعف بعضها مرتين أو ثلاثاً منذ ذلك الحين حتى اليوم، وارتفعت أسعار المنازل إلى الضعف في بعض المناطق التي تتمتع بخدمات جيدة.