في ندوة نظمها مركز سلطان بن زايد للثقافة والإعلام حضر الشاعر الإماراتي الراحل أحمد راشد ثاني من خلال قصائده وذكريات عنه ومعه، وبدت أشبه بتحية وداع، طبعها الحزن. استهل الندوة الناقد سلمان كاصد واصفاً ثاني ب» الفتى الذي ترك فراشة على الطاولة»، وتحدث عن أعماله الشعرية وإنجازاته البحثية الأخرى، ثم أفسح المجال للأصدقاء الحاضرين ليقولوا كلماتهم الأخيرة أمام أهله الذين حضروا الندوة علاوة على جمع من المثقفين والشعراء والإعلاميين. بدأ الشاعر حبيب الصايغ، رئيس المركز، بالترحم على الشاعر الصديق الذي ظل طفلاً كما وصفه، ومما قال:»في سنة 1980 أصدرت مجموعة شعرية بعنوان «قصائد على بحر البحر» كانت فيها أسطر بعنوان «خورفكان» وأهديتها إلى حياة شاعر وليس إلى موته، حينها قلت:» بين الجبل والبحر مازلت أبحث عن شاعر ضيعني وضيعته»... كان ذلك لحياة ثاني وليس موته، فهو تكدس في الذاكرة، حيث طفولة الشعر ونضجه، ففرض وجوده الخاص. وقد تعرفته للمرة الأولى في السبعينيات... الطفولة العارمة لم تفارقه يوماً. كان مريضاً بالقلب والشعر وحب الوطن والأهل، ولم يحوّل مرضه الخاص لاحتفال وضجيج كما دأب بعض الشعراء، لذا كان لموته طعم الصدمة المر، فأنا شخصياً لا أستوعب الأمر... وكأنه أخذ يدي اليسرى معه، يدي التي أكتب بها». وقرأ الكاتب أنور الخطيب قصائد من ديوان «دم الشمعة»، وتحديداً قصيدة «حيث يسكن البحر على المدفأة» والتي كتبها ثاني في الخامسة والعشرين من عمره، مُشيراً إلى العبقرية الشعرية التي سكنت الشاعر منذ سن مبكرة. وقرأ الشاعر أحمد العسم نصاً شعرياً آخر، وركز في حديثه على أحمد الإنسان، وذكريات العمل معه وزياراتهما لأماكن عدة، وقال:» في 2007 كان ثاني يبقى معي ليل نهار في المستشفى ويملأ غرفتي بالكتب قائلاً:»إقرأ، هذه باقة الورود»، وهو ما واساني في ظرفي الصحي الخطير وقتها». وألقى الشاعر والناقد بشير البكر كلمة ركز فيها على العلاقة التي جمعته بالراحل، وانتهى إلى القول:» أحمد راشد ذو مخيلة خلاقة، رصيده مخزون هائل من تراث البحر والصحراء ونهم الحياة، لديه أسلوب في نسيان نفسه ويكشف للآخرين الكثير مما حوله، كما قلت له يوماً فردّ: «.. بقدر ما كان عقلي يسمح لي كنت نقياً، حتى وأنا طفل صنعت كوناً مثالياً خاصاً بي، شديد البساطة، ألغيت كل عنصر مشوش أو مقيد، كل ما أردته هو أن أتصرف كما أنا، أو ما ظننت أني عليه. أطلقت العنان لسجيتي، إذا استطعت أن تفعل ذلك من دون أن تفقد توازنك ويجرفك السيل تستطيع أن تتحكم بنفسك، لكن الأمر لم يكن بهذه السلاسة وفات الأوان لندّعي أنّنا نرتب الفوضى». وشاركت الكاتبة حصة لوتاه بكلمة أكّدت فيها على مكانة الشاعر الراحل، وممّا قالت: «... الموت زائر يصادر الكلام منّا، واليوم أخذ أحمد الصديق الذي حفر في الصخر وجوده وعلى صدر الموج، وغادرنا متأبّطاً كيس أحلامه وقصائده التي انتثرت من يديه». وأشار الباحث محمد فاتح زغل، إلى أهمية أبحاث ثاني في تقديمه للحكاية الشعبية من زاوية فريدة، مؤكداً أنه باحث بقامة عالية، بذل مجهوداً في نقل الحكاية الشعبية من أفواه الكبار ليقدمها للعصر. ودعت الصحافية فاطمة عطفة إلى ضرورة صون الثروة الأدبية للشاعر الراحل سواء تلك التي نشرت، أو الأخرى التي لم تصدر بعد. وتزامنت دعوتها هذه مع اقتراح حبيب الصايغ تشكيل فريق عمل يتواصل مع أسرة الشاعر برعاية «اتحاد أدباء وكتاب الإمارات» و»بيت الشعر في أبوظبي - نادي تراث الإمارات»، وأعلن استعداده لنشر أعماله الكاملة بالتعاون مع مؤسسات أخرى في الإمارات. وفي الختام اعلن الصايغ إطلاق اسم أحمد راشد ثاني على القاعة الرئيسية في الفرع الرئيسي لاتحاد الكتاب في الشارقة، مشيراً إلى أن ثاني لم ينل أي شيء من وزارة الثقافة والمؤسسات الثقافية الأخرى التي قصّرت بحقه.