تبرز مسألة حماية حقوق المساهمين الصغار أو الأقلويين الذين لا يملكون قوة تصويت مؤثرة في الجمعيات العمومية السنوية للشركات المساهمة والتي تعقَد خلال هذه الفترة من السنة. وأدى ذلك إلى معاناتهم ظلماً وربما تعسفاً من كبار المساهمين في بعض الشركات المساهمة نتيجة سيطرة هؤلاء على قرارات الجمعيات العمومية. وأصبح هذا الموضوع موضع اهتمام الجهات الرقابية الحكومية في سعيها إلى رفع مستوى الثقة في الاستثمار في أسهم الشركات المساهمة وبالتالي تشجيع تدفقات مدخرات الطبقة الوسطى واستقطاب الاستثمارات الأجنبية بعدما أصبحت الشركات المساهمة تلعب دوراً مهماً وحيوياً في تعزيز أداء الاقتصاد الوطني بمختلف قطاعاته. ودفع إحباط المساهمين الصغار في المنطقة من التأثير على قرارات الجمعيات العمومية السنوية للمساهمين إلى عزوف نسبة مهمة منهم عن حضورها على رغم قناعتهم بأهمية هذه المناسبة باعتبارها فرصة نادرة للالتقاء بمجلس الإدارة والإدارة التنفيذية ومدققي الحسابات الخارجيين وممثلي الجهات الرقابية، إضافة إلى أن الجمعيات العمومية السنوية للشركات المساهمة هي أعلى سلطة في الهيكل التنظيمي لهذه الشركات. وتنبع أهمية الجمعيات العمومية من أهمية القرارات التي تتخذ خلال انعقادها، وفي مقدمها الموافقة على التقرير السنوي لمجلس الإدارة وسماع تقرير مدققي الحسابات وملاحظاتهم على البيانات المالية للشركات، إضافة إلى مناقشة موازنة الشركات وحساب الأرباح والخسائر والموافقة على نسب الأرباح المقترح توزيعها على المساهمين، إلى جانب التصويت على إبراء ذمة مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية ومراقبي الحسابات. وجعل تعثر بعض الشركات المساهمة خلال فترة الأزمة المالية بعض مجالس الإدارات والإدارات التنفيذية عرضة لتهم بعدم الكفاءة أو الممارسات غير السليمة أو الغش أو الفساد، ما أدى إلى تحفظ المساهمين الصغار عن إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة والمطالبة بإقالتهم وإقالة الإدارة التنفيذية للحفاظ على حقوقهم بعد خسارة جزء مهم من ثروتهم نتيجة التراجع الكبير في سعر أسهم هذه الشركات في السوق. إلا أن هذه المطالب لم تؤخذ في الاعتبار على رغم اتساع قاعدتهم نتيجة سيطرة مجالس الإدارة على القرارات بسبب امتلاكهم نسبة مهمة من رؤوس أموال الشركات المساهمة. ووضعت الدول المتقدمة آليات قانونية للأقلية أو المساهمين الصغار لحماية حقوقهم عندما تتوافر معلومات أو بيانات تدل على انتهاك حقوقهم من قبل مجالس الإدارات بما أنتج أضراراً لمجموع المساهمين والمعروفة بدعوى التعسف. وفي المقابل تستغل مجالس الإدارة الكفوءة والنزيهة عادة فرصة انعقاد الجمعيات العمومية السنوية للمساهمين لإطلاعهم على المعلومات أو البيانات والمشاريع والتدفقات النقدية وتوقعات الأداء في المستقبل والتي تساهم في تعزيز ثقة المساهمين بالإدارة وبمستقبل الشركات، وبالتالي المساهمة في الاحتفاظ بأسهمها وشراء مزيد منها. وتساهم جودة وكمية المعلومات المفصح عنها في سهولة احتساب الأسعار العادلة لأسهم الشركات، وتكون الأقلية في الأسواق المتقدمة عادة مصارف أو صناديق استثمار أو مؤسسات مالية تتمتع بخبرات مالية وقانونية عالية تمكنها من مراقبة أداء الشركات والحصول على حقوقها عند إساءة استخدام السلطة أو إساءة واستغلال الصلاحيات، بعكس الأقلية في أسواق المنطقة ومعظمها أفراد ينقصهم الوعي المالي والقانوني، ما يصعّب بالتالي عليهم الدفاع عن حقوقهم. * مستشار لأسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»