طهران، تل أبيب - أ ب، رويترز، أ ف ب - تزامنت المحادثات التي أجراها مستشار الأمن القومي الأميركي توم دانيلون مع المسؤولين الإسرائيليين أمس، مع تحذير واشنطن تل أبيب من «الاستئثار بقرار» شنّ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وشددت واشنطن على الحذر معتبرة الإيراني «لاعب عقلاني». لكن إسرائيل أكدت أنها ستتخذ بمفردها، قراراً في شأن الضربة. في غضون ذلك، استبقت إيران حظراً فرضه الاتحاد الأوروبي على استيراد نفطها، يُطبق في تموز (يوليو) المقبل، وأعلنت أمس أنها أوقفت بيع نفط للشركات الفرنسية والبريطانية، فيما أفادت معلومات بأن طهران أنجزت استعداداتها لتوسيع نشاطات تخصيب اليورانيوم في منشأة فردو المحصنة قرب مدينة قم، ما قد يعزز قدرتها على صنع سلاح نووي. وقبل لقائه دونيلون، رأس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو جلسة للحكومة، أشار الى أنها ناقشت مراجعة نفذها مسؤولون دفاعيون، ل «إعداد إسرائيل للزمن الجديد، زمن التهديدات لجبهتها الداخلية». ونقلت صحيفة «هآرتس» عن مسؤول أميركي ان «كل الرسائل من اسرائيل في الشهور الستة الأخيرة، ترجّح ضربة اسرائيلية لإيران»، مضيفاً: «نعتقد بأن إسرائيل لم تقرّر هل ستشنّ هجوماً (على ايران) أم لا، لكن يتّضح لنا أن ذلك موضع درس جدي» من جانبها. ومستبقاً وصول دونيلون، شدد رئيس الأركان الإسرائيلي الجنرال بيني غانتس على أن «علينا أن نتابع التطورات في إيران ومشروعها النووي، لكن يجب أيضاً أن نأخذ في الحسبان ما يفعله العالم وما قررته إيران، وهل سنفعله أو لا نفعله». لكن رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي حذر من أن «الاستئثار بقرار مفاده أن الوقت بات مناسباً لخيار عسكري (ضد ايران)، أمر سابق لأوانه». وقال لشبكة «سي إن إن»: «ليس من الحكمة اتخاذ قرار لمهاجمة ايران، في الوقت الراهن. الإدارة الأميركية واثقة من أن الإسرائيليين يتفهمون مخاوفنا، إذ أن توجيه ضربة في هذا الوقت سيزعزع الاستقرار ولا يحقق أهداف اسرائيل على المدى الطويل». وأضاف: «أعتقد بأن العقوبات الاقتصادية والتعاون الدولي الذي تمكنا من جمعه حول العقوبات، بدأ يعطي ثماره». وزاد: «النظام الإيراني لاعب عقلاني. ولذلك نعتقد بأن الطريق الذي اخترناه هو الأكثر حذراً حتى الآن». لكنه شدد على أهمية أن «نكون مستعدين في صورة أفضل، وهذا يشمل في شكل أساسي حتى الآن، أن نكون مستعدين دفاعياً». وزيارة دونيلون لإسرائيل هي الأولى منذ تسلّمه منصبه في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، خلفاً للجنرال جيمس جونز الذي كان آخر مستشار للأمن القومي الأميركي يزور الدولة العبرية، في كانون الثاني (يناير) 2010، والتي تركّزت حينذاك على الملف النووي الإيراني أيضاً. واكتفى البيت الأبيض بالقول إن محادثات دونيلون ستكون «الأخيرة في سلسلة مشاورات رفيعة المستوى» بين واشنطن وتل أبيب. وزار ديمبسي اسرائيل الشهر الماضي، حيث ناقش الملف النووي الإيراني، فيما ينوي نتانياهو زيارة واشنطن الشهر المقبل، كما أوردت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك سيزور واشنطن، تمهيداً لزيارة نتانياهو. وأشارت الصحيفة الى أن مدير الاستخبارات القومية الأميركية جيمس كلابر سيزور اسرائيل هذا الأسبوع، لافتة الى أن الأخير ودونيلون «ينويان تهدئة (تل أبيب) وتأكيد أنه حتى اذا استؤنفت المحادثات مع ايران، فإن ذلك لن يكون على حساب العقوبات التي سيتواصل تشديدها، إلا إذا أوقفت إيران فوراً برنامجها النووي، وسمحت بإشراف جدي عليه». في السياق ذاته، حذر وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إسرائيل من أن شنّ هجوم على إيران لن يكون قراراً «حكيماً»، لكنه لفت الى أنه «ليس على علم بمخطط (إسرائيلي) لضرب إيران». وقال ل «هيئة الإذاعة البريطانية» (بي بي سي): «مقاربتنا ديبلوماسية واقتصادية مئة في المئة، بهدف جلوس إيران الى طاولة المفاوضات». وكان هيغ اعتبر أن الطموحات النووية لإيران قد تؤدي الى نشوب «حرب باردة جديدة في الشرق الأوسط»، ما سيشكّل «كارثة على العالم». وعلّق وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي على تصريح هيغ، معتبراً أنه يستهدف «إثارة أجواء إعلامية متشنجة». وقال: «نسير قدماً بعزة واقتدار، ولا نأبه لهذه المواقف والتصريحات، ولو أننا مستعدون لمواجهة أسوأ السيناريوات». وأضاف في اشارة الى البريطانيين: «ما زالوا يتعاملون مثل المستعمرين، بأسلوب استكباري، لكنهم سيدركون قريباً أن الشعوب المستقلة لا تهتم لتصريحاتهم».