الهوية ليست مكاناً جغرافياً، فأنا عندما أكون في الأردن أشعر بأنني في وطني لأن الوطن هو أهل وشعب وثقافة وليس جغرافيا فحسب. فأنا لا أشعر بالغربة عندما أكون في الأردن، لهذا ليس من حق أحد أن يحدد انتمائي أو يمنعني من دخول الأردن أو الاستقرار فيه. عندما تسافر من الضفة الغربية إلى الضفة الشرقية وتشاهد رجالاً ونساء متقدمات في السن يحملن الزيت والمأكولات والهدايا وتتأمل وجوههن وحركاتهن ومشيتهن خلال رحلة العبور من أريحا إلى الجانب الأردني، لا تشعر بأن هذه العجوز أو تلك تدخل بلداً آخر وهي تتجه إلى الأردن، اذ انها تتصرف بشكل عفوي وتلقائي وكأنها متجهة إلى جزء آخر من وطنها حيث يعيش أبناؤها وأخواتها وإخوانها وأهلها وأقاربها وشعبها. لا أدري هل يستطيع ابن الضفة الشرقية فهم هذه المشاعر والانطباعات والأحاسيس؟ هل يستطيع أن يرحم هذا الفلسطيني المعذب؟ هل يستطيع أن يعيد الاعتبار إليه؟ هل يستطيع أن يلعن سايكس بيكو؟!