حضّ تجمّع رجال الأعمال اللبنانيين الدولة على وضع «سياسة تعزز الاستثمار الخاص وتشجعه، وتحفّز إنشاء شركات جديدة وتحديداً المشاريع الصغيرة وشركات صغيرة ومتوسطة من خلال منحها مزايا وإعفاءات ضريبية مغرية، إذ من شأن هذه الشركات الجديدة خلق 20 ألف وظيفة ودفع النمو». وطرح التجمّع توصيات، خرج بها بعد ندوة نظّمها بعنوان «الموازنة العامة لعام 2012»، برئاسة فؤاد زمكحل ومشاركة عميد كلية الاقتصاد في جامعة القديس يوسف البروفسور جوزف الجميل والأستاذ الجامعي والخبير المالي كريم ضاهر، والوزير السابق عادل قرطاس، ورئيس جمعية شركات الضمان في لبنان أسعد ميرزا، وأعضاء التجمّع. ولفت زمكحل في مداخلته، إلى أن النفقات التشغيلية المقترحة «زادت بنسبة 13 في المئة»، معلناً أن موقف التجمع «واضح، إذ لا يعقل الاستمرار في الإنفاق أكثر من إمكاناتنا بالأساليب والمعايير التي كانت متبعة في السنوات الماضية أفضت إلى زيادة في العجز والدين العام». لذا شدد على أن تكون نقطة انطلاق الموازنة «خفض واضح وصارم لوطأة النفقات العامة». وأشار إلى أن الإنفاق «مبالغ فيه وقليل الإنتاج ويتمحور في شكل كبير حول خدمة الدين (27 في المئة)، والأجور (19 في المئة)، والتحويلات إلى مؤسسة كهرباء لبنان (30 في المئة)، ويغمره شبح الفساد المستشري. وتشكل مدفوعات الفائدة من خدمة الدين 10 في المئة من الناتج، والرواتب 8 في المئة، ما يضعف قدرتنا على الاستثمار». في مجال الاستثمارات، لاحظ أن «القيمة المخطط لها لهذه السنة تقل بنسبة 6 في المئة عن تلك المعتمدة العام الماضي». ورأى أن «الحل الوحيد هو الاستثمار من خلال القطاع الخاص». وأكد موقف التجمع من ضرورة «الانخراط في مشروع التخصيص خصوصاً في خلق شراكات عامة وخاصة (PPP) تتعلق بمشاريع محددة وحاسمة لبلادنا وفي إعادة بناء البنية التحتية». وفي ما يتعلق بالضرائب، اعتبر زمكحل أن «الدولة تحتاج إلى مزيد من المال للعمل وللاستثمار ولتغطية خدمة الدين، ودعم مؤسسة كهرباء لبنان، والأجور». وسأل: «لكن هل يجوز أن تطلب الدولة من الشعب الذي يدفع بالفعل فواتير مزدوجة (الماء والكهرباء والصحة والتعليم والنقل)، دفع مزيد من الضرائب لتمويل سوء إدارة الدولة؟». وشدد على ضرورة أن «تبدأ الدولة خفض النفقات قبل التفكير في زيادة الضرائب». وحذّر من «خطورة اتباع سياسة «افرض ضرائب ثم ادفع»، التي تمثل ربما الضربة القاضية لاقتصادنا». النمو الاقتصادي ونبّه إلى ضرورة «اليقظة لدى الحديث عن النمو الاقتصادي، وعدم الوقوع في فخ السنوات السابقة حيث «فجوة الناتج» لدينا (الفرق بين ما أُنتج وما يجب إنتاجه)، كانت معدومة في لبنان. بمعنى آخر، كنا بأقصى طاقتنا لكن لم يكن بإمكان اقتصادنا خلق فرص عمل كافية وخفض العجز والدين العام». واقترح على الدولة «حماية بعض السلع الأساسية من التضخم، والحفاظ على الاستقرار وتمويل كل زيادة مفاجئة في تكاليف هذه المنتجات». وفي شأن الضريبة على القيمة المضافة، لفت إلى «إمكان فرض هذه الضريبة على 3 مكونات هي، بحدّها الأدنى على الضروريات الأساسية، وبحدها المتوسط على المواد الاستهلاكية، والعالي على المنتجات الفاخرة». وتطرق الجميل في مداخلته إلى مدى تعبير مشروع الموازنة المقترح عن أولويات سياسة الحكومة الاقتصادية، وإلى أي حد تمثّل السياسة الضرائبية أولوية إعادة التوزيع العادل للدخل، فقال: «لطالما كانت الهيكلية الضريبية غير متكافئة إلى حد بعيد، إذ كانت حصة الضرائب غير المباشرة مهيمنة». وإذ لم يغفل «تحسن تطبيق ضريبة القيمة المضافة في شكل ملحوظ في السنوات الأخيرة مع التقدم في التدقيق في حسابات المكلفين»، لاحظ أن تحديد معدل الضريبة على القيمة المضافة «لا يزال خاضعاً لمتطلبات حاجات الخزينة العامة، أكثر مما هو خاضع لمعايير اقتصادية كلية أو اجتماعية». وشدد على ضرورة أن «يقابل الأثر السلبي للزيادة في معدل هذه الضريبة على الصعيد الاجتماعي، تدابير أخرى لها آثار إيجابية على إعادة توزيع الدخل». وأعلن ضاهر، أن على الدولة «استخدام الموازنة كأداة للتأثير في الوضع الاقتصادي، وأن تتحرك من خلال إعادة هيكلة نظام الضرائب الحالي وإدخال إصلاحات هيكلية عليه». وأكد أن «تشجيع سياسة اقتصادية تدعم الاستثمار والنمو، يتطلّب الترويج لسياسة توظيف فاعلة من خلال تنفيذ آليات ضريبية محددة (فرض الضرائب على المدخرات والنشاطات غير المنتجة لفرص عمل) في مقابل جزء من الإعفاءات والحوافز الضريبية والمالية المفيدة للاقتصاد الحقيقي».