كوالالمبور - ا ف ب (خدمة دنيا) - تجوب مجموعة من المتطوعين في ماليزيا الغابة الاستوائية بحثاً عن رفات طيارين قضوا خلال الحرب العالمية الثانية بغية مساعدة العائلات على تخطي أحزانها بعد مرور سبعين سنة تقريباً على نهاية الحرب. ففي الهند وتايلاند وماليزيا، لم يُعثر بعد على حطام مئات الطائرات الأميركية والبريطانية، ولكن ستة متطوعين من "مجموعة مالايا التاريخية" (إسم ماليزيا تحت الاستعمار البريطاني)، عثروا منذ عشر سنوات على هياكل طائرات كانت المثوى الأخير لنحو أربعين مفقوداً. ويقول قائد المجموعة "شاهاروم أحمد" (37 عاماً)، وقد قامت المجموعة بنحو أربعين بعثة في السنوات العشر الأخيرة، أننا "نعثر على حطام في ماليزيا ونسهل التعرف عليه كي نمكن العائلات من تخطي أحزانها بعد انتظار دام عقود طويلة". لكنه يضيف أن "ما بين 15 و20 حطاماً لطائرات تم إسقاطها خلال الحرب ما زالت مفقودة في الأدغال الماليزية بعد أن وقعت ضحية حرب آسيا والمحيط الهادئ التي سيطر فيها جنود الأمبراطورية اليابانية منذ العام 1941 على المستعمرات الغربية القديمة في المنطقة، ولا سيما المستعمرات البريطانية (ماليزيا وسنغافورة وهونغ كونغ)". ويقدر مؤرخ الحروب "كريستوفر ماكدرمونت"، الذي يتعاون مع مجموعة العمل "جي بي أيه سي" التابعة لوزارة الدفاع الأميركية والمكلفة العثور على 83 ألف جندي أميركي في العالم، أن "550 أميركياً على الأقل فقدوا في أدغال جنوب شرق آسيا وبحارها". وبالإستناد إلى المعلومات القليلة المتوافرة عن الخطوط التي سلكتها الطائرات، يبحث المتطوعون عن الحطام في مساحة قد يتطلب عبورها أياما عدة وغالباً ما تكون في غابة استوائية كثيفة جداً ومليئة بالتماسيح. وعندما يعثرون على موقع تحطمت فيه طائرة يصورونه بدقة وينشرون أكبر عدد من التفاصيل على موقعهم الإلكتروني. ويشرح "شاهاروم أحمد" أنه "بعد إكتشاف الحطام يقوم خبراء من كل أنحاء العالم بتحليل المعلومات التي تم جمعها، وفي غضون أيام لا بل ساعات أحياناً، نتمكن من تحديد الحطام والاتصال بعائلات الطيار أو الطيارين المفقودين لنقول لهم إننا عثرنا على رفات أقربائهم". وقد يكون العثور على رفات الجنود في الأدغال بعد مرور سبعين عاماً على وفاتهم أشبه بالوهم. لكن المتطوعين يعثرون أحياناً على أشياء مثيرة للإهتمام مثل حلقتين وقطعة من ساعة عثروا عليها في حطام طائرة بريطانية ونظارتين نصف مكسورتين عثر عليهما في حطام طائرة أميركية. لكن إرادة المتطوعين تصطدم أحياناً بلامبالاة البلدان المعنية. ففي العام 2006، حدد "شاهاروم" وفريقه موقع حطام قاذفة قنابل من نوع "بي 24 ليبرايتور" تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني تحطمت في آب (أغسطس) 1945، لكن لندن رفضت المساهمة في تمويل بعثة لهذا الفريق. لكن وبفضل هبات خاصة، تم تمشيط الموقع أخيراً سنة 2009 وستنقل رفات طاقم الطائرة إلى مقبرة عسكرية ماليزية السنة المقبلة. وتقول "سو رافتري" المسؤولة عن هذا النوع من الملفات في وزارة الدفاع البريطانية إن "الحكومة البريطانية لا تبحث عن الرفات بطريقة فاعلة وتحبط عمليات البحث غير الرسمية". وتشير "مجموعة مالايا التاريخية" إلى أن "البحث عن رفات الجنود أشبه بسباق بين المتطوعين وأشخاص آخرين يفتقرون إلى النزاهة. ففي العام 2001، عثر سكان محليون على هيكل طائرة يابانية شمال غرب ماليزيا وسحبوا ببساطة جثة الطيار ثم فككوا الطائرة وباعوها كخردة. هذا هو ما يقلقنا تحديدا".