بروكسيل، أثينا - أ ف ب، رويترز، يو بي آي - تتجه منطقة اليورو إلى تبنّي خطة إنقاذ لليونان لا سابق لحجمها في العالم، بعد تصويت البرلمان اليوناني فجر أمس في أجواء صعبة جداً على برنامج للتقشف يطالب به الدائنون. وكان الاتحاد النقدي وضع مساء الخميس الماضي ثلاثة شروط، وأمهل أثينا ستة أيام لتحقيقها في مقابل مساعدة حاسمة تبلغ قيمتها 130 بليون يورو، يمكن أن تتخلف من دونها عن تسديد مستحقاتها في آذار (مارس) المقبل والبالغة 14.5 بليون يورو. وحققت اليونان الشرط الأول المتعلق بموافقة البرلمان، لكن بقي شرطان هما العثور على فصول في موازنة عام 2012 يمكن توفير 325 مليون يورو منها، والتزام المسؤولين السياسيين خطياً بدعم التحالف الحاكم في شأن خطة التقشف. ويريد الأوروبيون الحذرون من الطبقة السياسية التأكد من «عدم سقوط الوعود بعد الانتخابات التشريعية» المفترض إجراؤها في نيسان (أبريل) المقبل، وفق ما أعلن الناطق باسم الحكومة أمس. وأكد مصدر أوروبي، ضرورة «تجاوز العقبتين الأخيرتين بحلول الغد». واعتبر أن الحكومة اليونانية «ستجد مبلغ ال 325 بليون يورو عبر خفض موازنة الدفاع وهو أمر غير سيء». ولم يخفِ تفاؤله بوعود الحزبين السياسيين الكبيرين أي الاشتراكي بقيادة جورج باباندريو والمحافظ الذي يتزعمه انطونيس ساماراس، بعدما انسحب حزب الشعب (لاوس) اليميني المتطرف. ووافق البرلمان اليوناني على مشروع قانون تقشف لا يحظى بشعبية على نحو كبير لضمان الحصول على برنامج إنقاذ ثان من الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي وتفادي حدوث إفلاس عام. وتبنى النواب اليونانيون برنامج التقشف بغالبية 199 صوتاً من أصل 278 حضروا الجلسة العاجلة، وصوّت خمسة نواب ب «حاضر»، فيما امتنع الباقون عن التصويت. ورفض الخطة 22 نائباً من حزب «باسوك» الاشتراكي و21 نائباً من حزب الديموقراطية الجديدة، في تصويت ضد قرارات حزبيهما اللذين يدعمان الحكومة الائتلافية، ما أدى إلى طردهم من الحزبين. وهي المرة الأولى في تاريخ اليونان التي يطرد فيها هذا العدد من النواب. وصُدم سكان أثينا أمس بحجم الأضرار التي لحقت بمدينتهم بعد ليلة من أعمال العنف على هامش تظاهرة ضخمة ضد خطة التقشف تزامنت مع جلسة البرلمان للتصويت عليها. وأُحرقت واجهات مبان تاريخية كثيرة. إذ نزل 80 ألف شخص إلى الشوارع واشتبكوا مع الشرطة، وأشعل بعضهم النار في نحو 40 مبنى ومتجراً وسط العاصمة، من بينها المقر الكلاسيكي الجديد لسينما «اتيكون» التي تعود لعام 1870 ومبنى يضم دار سينما «استي» الواقعة تحت الأرض، والتي كانت تستخدمها الشرطة السرية النازية (غستابو) مكاناً للتعذيب خلال الحرب العالمية الثانية. وفرّ اليونانيون والسياح الذين تملّكهم الرعب من الشوارع حيث تناثرت الحجارة، ومن سحب الغازات اللاذعة وتجمّعوا في صالونات استقبال الفنادق طلباً للحماية. وأعلنت وسائل الإعلام المحلية، أن الاشتباكات «أدت إلى إصابة أكثر من 50 متظاهراً بجروح إضافة إلى 40 شرطياً». وفي سالونيكي تجمع نحو 20 ألف شخص، وأحصت الشرطة تخريب ستة مصارف. ورحبت المفوضية الأوروبية أمس، بتصويت البرلمان اليوناني على خطة التقشف، مؤكدة أنه «تقدم حاسم» على طريق منح أثينا قرضاً بقيمة 130 بليون يورو. وأوضح المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية أولي رين، أن تصويت البرلمان «يعكس تصميم اليونان على وقف دوامة الديْن وغياب القدرة التنافسية». وأعلن الناطق باسم المستشارة الألمانية أنغيلا مركل الموقف ذاته، ورأى أن هذه الخطوة «تدل على إرادة اليونان في بدء إصلاحات صعبة». وكان لتصويت البرلمان اليوناني وقع إيجابي على أسواق المال، وعلى سعر اليورو أمام الدولار. وتشمل الخطة التي أقرّها البرلمان ، إجراءات غير شعبية تطال خفض 22 في المئة من قيمة الحد الأدنى للأجور، وتقليص إضافي لرواتب التقاعد وغيرها.