أكد وزير الهجرة الكندي جايسون كيني أن حكومته تدرس مجموعة من الخطوات لبتها قبل مناقشة الموازنة الفيديرالية لعام 2012 في الأسابيع القليلة المقبلة، وتهدف الخطوات إلى تطوير قطاع الهجرة الحيوي والداعم للاقتصاد الكندي، مضيفاً خلال مقابلة أجرتها معه «الحياة» أن بعض هذه الإجراءات الجديدة سيركز على تسهيل طلبات الهجرة وتسريعها في شكل عام، خصوصاً تلك المقدمة من المستثمرين الكبار. وأوضح كيني، الذي يرأس وزارة الهجرة منذ عام 2006 وهو من أكثر الوزراء تأثيراً في حكومة حزب المحافظين الفائز بغالبية مقاعد البرلمان الفيديرالي في الربيع الماضي، ما مكنه من الاستمرار في السلطة، أن وزارته «تنظر في حلول كثيرة، من بينها احتمال زيادة تكاليف الهجرة للمستثمرين الكبار إلى كندا عبر فرض رسوم إضافية على من يرغب في تسريع طلبه، إذ تحتاج بعض هذه الطلبات إلى دراسة الشركات والاستثمارات التي يملكها رجال الأعمال أو التي يسعون إلى تأسيسها، فيما هناك حاجة إلى التعامل مع شركات محاسبة مختصة لهذا الغرض لتسريع الإجراءات وضمان دقتها». وأضاف أن «رفع كلفة تقديم طلب الهجرة لمن يرغب في تسريع دراسة ملفه مقبول من ناحية المبدأ، فالأمر ذاته يسري على المواطنين الراغبين في الحصول على جواز سفر بسرعة، إذ يدفع الكنديون رسوماً إضافية لمعالجة طلباتهم بسرعة». وقال: «نحن اليوم نركز على طلبات الهجرة المقدمة سابقاً، لكل الفئات التي لم يُنظر فيها بعد، ونعطيها الأولوية على الطلبات المقدمة حديثاً، كي نخفف من الضغط علينا ونقلل من عدد الطلبات على قائمة الانتظار». جذب أوروبيين وأوضح كيني أن «الإجراءات لتطوير هذا القطاع كثيرة، منها أننا نسعى إلى وضع سقف لعدد الطلبات التي يقبل استلامها سنوياً، وبذلك نعطي فرصة جيّدة للجميع من أجل النظر بطلباتهم بسرعة. وإضافة إلى ذلك، نسعى إلى جذب مزيد من المهاجرين من ذوي الاختصاصات والشبان، خصوصاً من أوروبا التي تعاني اقتصادياً». وقال إن مكاتب السفارات ووزارة الهجرة الكندية لديها ما يزيد عن مليون طلب قيد الدرس، وهذا ما يؤخر قبول الطلبات من ضمن فترات انتظار منطقية، إذ يمكن لبعض الطلبات أن تبقى في قائمة الانتظار لسبع سنوات. ويصل معدل وقت الانتظار لقبول الطلبات في بعض الحالات إلى تسع سنوات، بالنسبة لفئة المهنيين، وسبع سنوات للمستثمرين. وتقبل كندا سنوياً ثمانية آلاف طلب هجرة، علماً إن الإقبال في فئة رجال الأعمال من المنطقة العربية والصين تزايد كثيراً خلال السنوات الماضية. وكانت كندا أصدرت عام 2010 قراراً ضاعفت بموجبه تكاليف الهجرة لفئة المستثمرين إلى 800 ألف دولار كندي (798 آلاف دولار أميركي)، بالإضافة إلى ضرورة إثبات وجود أصول مالية تصل إلى 1.6 مليون دولار كندي، في مقابل 400 ألف و800 ألف على التوالي سابقاً، وكانت تلك أول زيادة منذ عام 1999. وأشار كيني إلى أن حكومته تنظر في إمكانية رفع المبلغ المطلوب لفئة الهجرة للمستثمرين الكبار، وربما تقرر الإبقاء على جزء من المبلغ كأساس مقتطع، مضيفاً أنها ستسعى من خلال هذه الإجراءات إلى جذب المستثمرين الكبار إلى قطاعات معيّنة، مثل المناجم والنفط وغيرها من الصناعات الكندية الكبرى. وتعتبَر الصين أهم مصدر للمهاجرين من فئة المستثمرين الكبار، بالإضافة إلى ارتفاع في الأرقام من دول عربية في السنوات الماضية، مثل العراقيين والفلسطينيين الآتين من دول الخليج، خصوصاً العام الماضي. هجرة عربية متزايدة وازدادت نسبة المهاجرين إلى كندا من الدول العربية في السنوات الماضية لأسباب منها اقتصادي ومنها سياسي، مثل حربي العراق الأولى والثانية، التي هجرت فلسطينيين ثم عراقيين. وازدادت نسبة المهاجرين من الدول العربية في شمال أفريقيا بسبب تمكنهم من اللغة الفرنسية التي تعتبر شرطاً أساسياً للهجرة إلى مقاطعة كيبيك الفرنسية. وكان لبنان في السابق أحد أهم مصادر الهجرة العربية إلى كندا إبان حربه الأهلية في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي. ويبلغ عدد الكنديين من أصل عربي خمسة في المئة من عدد السكان الإجمالي الذي يقارب 33 مليون شخص. وتابع كيني أن حكومته تخطط لإجراءات وتنفذ أخرى، ليس فقط لتسهيل طلبات المهاجرين الجدد إنما أيضاً لتمكينهم من حياة أفضل ومستوى اندماج أعلى في المجتمع الكندي، من خلال فتح سوق العمل ومعادلة شهادات الخبرة لديهم. وأوضح: «نحن نرعى محادثات مع النقابات والمؤسسات المهنية التي تعنى بمعادلة الشهادة للسماح للآتين الجدد بشهادات من دول مختلفة لممارسة مهنتهم هنا، واستثمرنا الملايين من الدولارات في هذا المجال لأننا جادون فيه». وقال: «نحن نريد أن يتوزع المهاجرين الجدد إلى مدن كندية إضافية، فإذا كنا نحتاج إلى حدّادين أكثر من أطباء ولدينا أماكن شاغرة، نستقطبهم، لأننا نأتي بأشخاص يحتاج إليهم اقتصادنا وسيجدون عملاً، وهذا سيسهل اندماجهم الاقتصادي والاجتماعي بمحيطهم». الهجرة الى المدن وتمكنت حكومة المحافظين، منذ استلامها الحكم عام 2006، من خفض نسبة المهاجرين الجدد في المدن الرئيسة الثلاث، مونتريال وفانكوفر وتورنتو، إلى 70 في المئة من الإجمالي، مقارنة بنحو 90 في المئة سابقاً، ووجهتهم إلى المدن الصغيرة ومناطق الاحتياج. وتستقبل كندا سنوياً 250 ألف مهاجر، وهي من النسب الأعلى بين الدول المتقدمة صناعياً. ويتوزعون بين فئات متعددة للهجرة، بما فيها فئات المهنيين والحرفيين ورجال الأعمال وأصحاب الأعمال الحرّة واللاجئين. وأشار كيني إلى أن حكومته لا تزال تملك حزمة من القرارات والإجراءات التي ستسعى من خلالها إلى تطوير هذا القطاع، من بينها منح بعض طالبي العمل من ذوي الخبرات التي تحتاج إليها كندا تأشيرة ل 10 سنين، يمكنهم من خلالها دخول البلاد مرات. وكانت حكومة المحافظين أعلنت أنها ستعمد إلى إصلاح قطاع الهجرة، وأصدرت في هذا الإطار قراراً هو الأول من نوعه في كندا في آب (أغسطس) الماضي، بدأت من خلاله بإجراءات سحب الجنسية الكندية من 1800 شخص، من بينهم عرب، أكدت امتلاكها أدلة قاطعة على أنهم لم يقيموا قط في كندا. وأعلنت وزارة الهجرة أن العدد ارتفع نهاية 2010 إلى أربعة آلاف شخص.