في تطورٍ لافتٍ وسريع، تراجع يوم أمس المتهم في كارثة السيول مدير إدارة الطرق وسكرتير لجنة الأمطار والسيول في الأمانة عن اعترافاته التي تمت المصادقة عليها أثناء التحقيقات السابقة بشأن الكارثة، وقال أمام المحكمة الجزئية في محافظة جدة خلال جلسة أمس: «إن الاعترافات الموجودة والمسجلة باسمي في ملف القضية غير صحيحة وانتزعت من دون موافقتي»، مشيراً إلى أن تهم التسبب في إتلاف الممتلكات العامة، وإزهاق الأرواح، والرشوة، والتفريط في المال العام، والإهمال في أداء واجبات وظيفته غير صحيحة. وتمسك المتهم بنص المادة 102 من نظام الإجراءات الجزائية، إذ قدم دفوعات شفهية أمام ناظر القضية، الأمر الذي دفع بالقاضي إلى طلب تلك الردود أن تكون مكتوبة، وقرر ناظر القضية تحديد جلسة أخرى للمتهم بعد أسبوعين. واختلفت الدفوع ما بين الجلسات السابقة والجلسة الأخيرة، إذ سبق أن اعترض المتهم قبل الحكم الصادر على الدعوى المرفوعة ضده أمام المحكمة الجزئية، بحجة أنها خارجة عن اختصاصها، ولأنه موظف حكومي عام، ويقوم بأعماله الإدارية التي تختص بوظيفته الحكومية، وبالتالي فإن المحكمة لا تختص بأمور وظيفته. وفي المقابل، تمسك المدعي العام بإيقاع عقوبةٍ تعزيريةٍ على المتهم بما يحقق المصلحة العامة، ويُعيده إلى جادّة الصواب على اعتبار أن ما ارتكبه يُعدُّ تعدِّيًا على بعض الضرورات الخمس التي كفل الإسلام حمايتها، وكون الأفعال التي ارتكبها مخالفة صريحة للأوامر، والتعليمات، وعدم مراعاة مصالح الوطن، والعامة من الناس، «ولأنّ ما أقدم عليه هو فعلٌ محرّمٌ مُعاقبٌ عليه شرعًا ونظامًا»، بيد أنه يتوقع أن يطلب المدعى عليه (وهو موظف حكومي عمل سابقاً في مجال تصريف الأمطار والسيول) مهلة للرد على التهم كتابياً. وتأتي هذه الجلسة بعد أيام من قرار محكمة الاستئناف في منطقة مكةالمكرمة والذي يقضي بنقض أول حكم قضائي في «كارثة السيول» والذي صدر من قبل المحكمة الجزئية في محافظة جدة ضد «المتهم»، ووجهت محكمة الاستئناف ناظر القضية الذي سبق أن حكم بصرف النظر عن الدعوى ل «عدم الاختصاص» استكمال النظر في القضية وإصدار الحكم فيها. وسبق أن تسلمت المحكمة الجزئية خطاباً من محكمة الاستئناف موقعاً من ثلاثة قضاة درسوا ملف القضية ودرسوا الحكم الصادر من ناظر القضية، يفيد بإعادة النظر في ملف المتهم، وتوقعت مصادر مطلعة ل «الحياة» أن ناظر القضية سيرد على ملاحظات محكمة الاستئناف إما بتمسكه بالحكم والبقاء عليه مع إبداء وجهة نظره حيال ملاحظات محكمة الاستئناف، أو الحكم فيها بإدانة المتهم أو براءته. ونص الحكم الذي نقضته محكمة الاستئناف على: «إن رفع هذه الدعوى من قبل هيئة التحقيق والإدعاء العام إجراء في غير محله استناداً إلى المادة 72 من نظام المرافعات الشرعية ولوائحه التنفيذية، واستناداً إلى المادة 133 من نظام الإجراءات الجزائية، فقد حكمت المحكمة بصرف النظر عن دعوى المدعي العام لعدم الاختصاص النوعي، وبعرض ذلك على الطرفين، قرر المدعي العام عدم القناعة وطلب الاستئناف». يذكر أن المدعي العام ساق 10 أدلة وقرائن لإدانة المتهم في مخالفاتٍ منسوبة إليه أمام المحكمة الجزئية، وتضمنت القرائن عدداً من الأدلة أبرزها، إقرار المتهم بوقوع تقصيرٍ من جانبه، وما تضمَّنه تقرير إدارة الدِّفاع المدنيِّ، إضافةً إلى ما وَرَدَ في محضر الاطّلاع على الصور، والبيانات المحفوظة على وحدة التخزين «CD»، الوارد بخطاب أمانة جدة، ومحضر الانتقال، ومعاينة موقع الكارثة في تاريخ 16/1/1431، ومحضر وقوف لجنة الأمانة، وهي ما استند عليه الادعاء العام. أمين جدة يوقع عقد تنفيذ نفق «دوار الفلك»