في أربع جدران تصطدم أم أحمد كل يوم وليلة، لا تجد بعد الله سواها لتحكي لها معاناة عوز وزوج قاس وأبناء مرضى. تذرف الدموع وحيدة علها تغسل حملاً ثقيلاً، ولا تكاد تتأقلم معه بضعة أيام، حتى يصل إليها إنذاراً بترك المنزل الذي هو في الأساس رباط. لكن هذا الرباط، الذي كان في وقت من الأوقات ظلاً لهم يقيهم شمس الحياة القاسية، تحول فقده أو حتى التفكير بفقده إلى تهديد بالضياع والتشتت، بعد أن أمر صاحبه بإخلاء البناية. وتقول أم أحمد: «حتى اليوم لا نعرف إلى أين سنذهب أنا وأبنائي المرضى، الحاجة تمص دماءنا وكل ما بقي لنا»، موضحة، بأن اثنين من أبنائها يعانون الشلل، إضافة إلى ثالث مصاب بحموضة في الدم، ما جعلها مراجعة دائمة للمستشفيات، إذ تتنقل بهم بين مكةوجدة والرياض. وتضيف: «أقيم في مكة وحاولت أن أذهب إلى الضمان الاجتماعي لكنهم لم يتجاوبوا معي، بحجة أنني متزوجة وزوجي هو من يأخذ الضمان المستحق»، لافتة إلى أن زوجها رجل عاجز ومريض نفسي لا يكف عن ضربها وأبنائها وتحقيرهم، حتى وصل الأمر في إحدى المرات إلى طعن أحد أبنائه، ما جعل السلطات الرسمية توقفه لمدة أسبوعين. وتتابع: «يرفض زوجي الإنفاق علينا، بل إن الخوف منه يسيطر على جميع أفراد الأسرة»، مؤكدة أنها حاولت إقناع المسؤولين في الضمان الاجتماعي بذلك، إلا أنهم لم يلتفتوا إليها، وطلبوا منها إثبات أن زوجها لا يصرف على العائلة بإحضار شهود على ذلك. لا تعرف أم أحمد طريقة للخروج من هذا المأزق، فهي قليلة الحيلة ولديها أبناء يصارعون الإعاقة والمرض، وعلاوة على ذلك يتملكها الخوف كل يوم بسبب زوجها، «أحتاج إلى من يقف بجواري يحميني من زوجي والخوف من أن أجد نفسي وأبنائي المرضى في الشارع، ليس لي أحد يسمعني أو يشعر بي، كل ما لدي هو أني سعودية وابنة هذا البلد واحتاج للمساعدة العاجلة».