من المعلوم أننا نعيش في أكبر بلد عربي إسلامي من حيث المساحة، وكذلك من حيث المكانة، ولله الحمد، كيف لا ونحن في معقل الإسلام، والمكان الذي انتشر منه، ويضم في جنباته بيت الله ومقر رسوله الكريم، ولكن عند الحديث عن مساحة بلادنا نجد التناقض بكل ما تعنيه الكلمة، إذ نلحظ أن سعر العقار لدينا تقريباً هو الأغلى في العالم، بحسب جميع الإحصاءات والدراسات المنبثقة من جهات رسمية، ولعل من أبرز ذلك الغلاء هو العقار الموجود في الأماكن المقدسة بمكة المكرمة والمدينة المنورة. نحن لا نتحدث فقط عن العقار المحاذي للحرمين الشريفين، وإنما يكمن الإشكال والغلاء الفاحش حتى في الضواحي البعيدة جداً، وكذلك الحال لبقية مناطق المملكة، فهل من المعقول أن تصل قيمة أرض كمثال في ضواحي جدة أو الرياض، وبعض مناطق ومحافظات المملكة الكبرى، إلى «مليون ريال» لمساحة لا تتجاوز 400 متر في الضواحي وليس داخل العمران، نعم لقد وصلت الحال لبعض من مناطقنا إلى 1500 ريال للمتر الواحد خارج البنيان، مع تجميد الكثير من المخططات داخل المدن والأحياء، أيضاً من دون حراك من المسؤولين لإيجاد حلول عاجلة تحد من استغلال كبار تجار العقار، الذين أسهموا بكل أسف في تحطيم آمال من يرغب في الحصول على قطعة أرض متواضعة، مع صمت الجهات المختصة بكل أسف. بحسبة بسيطة جداً نقول إن من يرغب في الاستقرار وبناء ما يسمى بمنزل العمر فعليه أن يجمع مليوني ريال لشراء الأرض، ثم طريقة البناء، وهكذا نجد أن على الموظف البسيط، أو كما يقال المواطن العادي، أن يصل إلى سن ال «60» عاماً، ويحال إلى التقاعد، ومن ثم يفكر بما جمعه طيلة السنوات العجاف من خلال عمله، لبناء وحدة سكنية (خارج نطاق العمران). وأيضاً عليه أن يدعو الله أن يمكنه من العيش بعد ذلك عقدين من الزمن ليتمكن من سداد حقوق الآخرين، وأن يبتهل إلى الله بالدعاء أن يجعله ممن طال عمره وحسن عمله، ومن دون تلك الحال للسان الحال الذي نعيشه لن يتمكن المواطن العادي من الحيلولة، بأن يؤمن ما سبق ذكره إلا في حالات الأقساط الربوية أو خلافة لعدد من السنوات لا يقل عن 30 عاماً مع الرهن والتهديد بالسجن وغيره. فهنيئاً لنا ذلك التخطيط المميز والمحسودون عليه حتى ينطبق علينا قول المتنبي، بطريقة مغايرة، «يا أمة ضحكت من عقاراتها الأمم». [email protected]