بات متوقعاً تسريع خطوات نقل السلطة من المجلس العسكري إلى رئيس منتخب بعدما ضاقت الحلقة حول العسكر، إثر فشل كل محاولات تثبيت هدنة بين قوات الشرطة ومتظاهرين في محيط وزارة الداخلية في قلب القاهرة وانهيار كل المحاولات لحل الأزمة المستعرة منذ أحداث ستاد بورسعيد الأربعاء الماضي. وصعَّدت قوى ثورية تحركاتها بالدعوة إلى إضراب عام في الذكرى الأولى لإطاحة الرئيس المخلوع حسني مبارك السبت المقبل، للضغط باتجاه تسليم السلطة إلى مدنيين وإنهاء الحكم العسكري. ورفضت جماعة «الإخوان المسلمين» المشاركة في الإضراب، لكن جنرالات الجيش أظهروا أمس مزيداً من المرونة في شأن تبكير انتخابات الرئاسة، وإن كانوا رهنوا ذلك بحصول «توافق كامل» بين القوى السياسية. واستمرت الاشتباكات في محيط وزارة الداخلية حتى ليلة أمس، وإن توسعت من شارع منصور إلى شارع نوبار القريب من المدخل الرئيس للوزارة ومدخل جهاز الأمن الوطني الذي حل محل أمن الدولة المنحل. وزاد الاحتقان في ميدان التحرير نتيجة تضاعف أعداد الضحايا، إذ أعلنت وزارة الصحة أن عدد القتلى في القاهرة ومحافظة السويس وصل إلى 12 قتيلاً، فيما تجاوز عدد الجرحى 2500. وبذل نواب ورجال دين وسياسيون جهوداً حثيثة للفصل بين الشرطة والمتظاهرين، ونجحت تلك الجهود صباح أمس، لكن ما هي إلا دقائق حتى انهارت الهدنة. وشكلت ائتلافات شبابية جداراً بشرياً في مطلع شارع محمد محمود المطل على ميدان التحرير للحؤول دون وصول مزيد من الدعم البشري إلى محيط الداخلية. وظلت سيارات الإسعاف طوال أمس تنقل المصابين إلى المستشفيات الميدانية في التحرير، فيما أكدت وزارة الداخلية أن أفراداً في الشرطة أصيبوا في المواجهات، وأشارت إلى أن أحد لواءات الأمن المركزي أصيب في إحدى عينيه. في موازاة ذلك، انشغلت الأوساط السياسية بمحاولة حلَّ الأزمة، فعقد رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي اجتماعاً ضمَّ رئيس أركان الجيش الفريق سامي عنان ورئيس الحكومة كمال الجنزوري ووزراء العدل والإعلام والداخلية، إضافة إلى رئيس البرلمان سعد الكتاتني ورئيس المجلس الاستشاري منصور حسن. وأفيد بأن الاجتماع ركز على «التوصل إلى مخرج من الأزمة». وأُعلن أن المجلس الاستشاري أوصى بفتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية في الثالث والعشرين من الشهر الجاري وتشكيل لجنة تتولى إعادة هيكلة وزارة الداخلية، فيما قال مسؤول عسكري ل «الحياة» إن «المؤسسة العسكرية على استعداد للاستجابة للمطالبات بتسريع تسليم السلطة، وإجراء الانتخابات الرئاسية قبل وضع الدستور الجديد». لكنه رهن ذلك ب «توافق القوى السياسية كافة على تلك الخطوة». ولم يستبعد تبكير فتح باب الترشح للرئاسة قبل الموعد المعلن سلفاً في 15 نيسان (أبريل) المقبل، مؤكداً أن «هناك تفكيراً جدياً في اتخاذ تلك الخطوة». واقترح المرشح المحتمل للرئاسة عمرو موسى فتح باب الترشح للرئاسة مطلع الشهر المقبل على أن تُجرَى الانتخابات الرئاسية في نيسان. ورفض اقتراحات نقل السلطة إلى رئيس البرلمان، مشدداً على «ضرورة نقل السلطة إلى حكم مستقر منتخب». وحذر من «مؤامرة لإجهاض الثورة»، منتقداً مؤسسات الدولة التي «لا تقوم بمهامها».