تصاعدت المواجهة بين المحكمة العليا والحكومة الباكستانية بعد توجيه المحكمة اتهاماً رسمياً إلى رئيس الوزراء يوسف رضا جيلاني بالانتقاص من القضاء وأحكامه من خلال عدم تنفيذه قرارات المحكمة العليا طيلة ما يزيد عن سنتين. وطلبت المحكمة العليا من رئيس الوزراء المثول أمامها في 13 الشهر الجاري لتوضيح موقفه من التهمة الموجهة إليه، وعقوبتها السجن وإسقاط عضويته في البرلمان ومنعه من الترشح لأي منصب عام طيلة حياته. ورفضت المحكمة العليا تبرير الحكومة تقاعسها بوجود حصانة تمنع ملاحقة الرئيس آصف علي زرداري، مشيرة إلى أن المسألة لا تتعلق بالحصانة للرئيس بل بعدم امتثال الحكومة لقرارات المحكمة العليا التي طلبت من السلطة التنفيذية مراسلة المحاكم السويسرية للاستفسار عن قضايا غسيل أموال يتهم زرداري بالتورط بها. وقال القاضي نصير الملك الذي رأس الجلسة في المحكمة العليا إن المحاكم السويسرية هي المخولة بمخاطبة المحكمة العليا حول الحصانة التي يتمتع بها الرئيس زرداري. ووصف عمران خان السياسي الأكثر شعبية حالياً في باكستان قرار المحكمة العليا بأنه ضربة قوية للحكومة قبل الضربة القاضية من الشعب الباكستاني، واعتبر أن الحكومة الحالية هي الأسوأ في تاريخ باكستان لجهة الفساد وعدم الاهتمام بالشعب ومشاكله. وقال صديق الفاروق أحد قادة حزب الرابطة الإسلامية بزعامة نواز شريف ل «لحياة» إن «المسألة التي تهمنا هي سيادة القانون والقضاء المستقل وليس إسقاط الحكومة»، مضيفاً أن الحكومة والرئيس يجب أن ينالا جزاءهما القانوني إذا ثبت تورطهما في أي أعمال غير قانونية، وأن مسألة بقاء الحكومة وعدمها تشكل مسألة ثانوية بالنسبة إلى «الرابطة». ورأى خبراء قانونيون إنه في حال إدانة رئيس الوزراء وفقدانه منصبه فإن من الممكن للحزب الحاكم مواصلة الحكم من خلال تعيين رئيس وزراء جديد عليه نيل ثقة البرلمان وهو ما تسعى إلى تأكيده الحكومة من خلال التحالف الحكومي الذي ما زال يتمتع بغالبية برلمانية ويرفض في الوقت ذاته خوض مواجهة مع القضاء. كما يمكن للرئيس أو رئيس الوزراء طلب حل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة، ويتحاشى الحزب الحاكم اللجوء إلى هذه الخطوة نظراً الى ما تعانيه البلاد من مشاكل اقتصادية ونقص حاد في الطاقة، ما قد يتسبب بخسارة الحزب الحاكم الانتخابات. على صعيد آخر، أبدت إسلام آباد استعدادها للتجاوب مع طلب كابول بذل جهود لإنهاء الحرب المستمرة منذ عشر سنوات في أفغانستان، إلا أن باكستان أكدت أن العملية يجب أن يقودها الأفغان وليس الأميركيون أو أية قوة أجنبية أخرى. وبعد محادثات مع الرئيس الأفغاني حميد كارزاي لتبديد الفتور في العلاقات بين الجانبين، سعت وزيرة الخارجية الباكستانية هينا رباني خار إلى تفنيد المزاعم بأن إسلام آباد تشكل عائقاً في وجه السلام في أفغانستان. وقالت الوزيرة الباكستانية: «نحن مستعدون لفعل أي شيء يرغب فيه الأفغان أو يتوقعونه»، وذلك رداً على سؤال عما إذا كانت باكستان مستعدة للضغط على «شبكة حقاني» للدخول في محادثات سلام. وأشارت الوزيرة الباكستانية إلى أن كارزاي سيزور إسلام آباد في منتصف الشهر الجاري، وأنها ستتوجه برفقة رئيس الوزراء الباكستاني إلى قطر حيث فتحت حركة «طالبان» مكتب اتصال لها لإجراء محادثات مع الأميركيين. ورأت رباني خار أن انحدار أفغانستان إلى الفوضى «ليس في مصلحة أحد»، إلا أنها أكدت أن باكستان لم تلعب «إلى الآن» أي دور مركزي في الاتصالات بين الأميركيين و«طالبان».