نابلس (الضفة الغربية) - رويترز - يقول رمزي أبو رضوان انه يتذكر عندما كان يزور سجن الفارعة وهو صبي يمسك بيد جده في انتظار رؤية والده. واليوم تضم جدران السجن ذاته أصداء أخرى غير وقع أقدام السجناء الفلسطينيين، انه صدى الموسيقى وضحك الأطفال. واستخدم السجن الواقع خارج مدينة نابلس مباشرة في الضفة الغربية البريطانيون والأردنيون والإسرائيليون. وتحول السجن إلى مركز رياضي للشباب في التسعينات بعد بدء الحكم الذاتي الفلسطيني المحدود في الضفة الغربية وقطاع غزة. واليوم يحول أبو رضوان تلك المنشأة إلى معسكر موسيقي للشبان الفلسطينيين المنتمين لأسر فقير ومخيمات للاجئين. وأبو رضوان ليس الشخص الوحيد الذي يلتقي ماضيه بحاضره وراء أسوار الفارعة. فآباء نحو 20 شاباً حضروا المعسكر سجنوا هناك أيضاً. ومن بين المدرسين مدرس سجن هناك هو الآخر. وقال أبو رضوان: «نحن نحاول تحرير الشعب. نحاول إعطاء أطفالنا نوعاً من الحرية الخاصة... ربما لم يكن (جيلي) يملك وسائل التعبير عن نفسه... ولكن أبناءنا ستكون لديهم وسائل مختلفة أفضل وأقوى لمقاومة الاحتلال». ويريد أبو رضوان الذي أتيحت له فرصة مغادرة منزله في مخيم الأمعري لدراسة الموسيقى في فرنسا أن يقدم الفرصة ذاتها للأطفال الفلسطينيين الآخرين من خلفيات أقل حظاً من غيرها. ويقدم مشروعه واسمه «الكمنجاتي» تدريباً موسيقياً من بين أيلول (سبتمبر) وحتى حزيران (يونيو) حزيران. ويُعطى المشاركون آلات موسيقية ويقضون أسبوعاً في الفارعة ليؤدوا حفلة نهاية الفصل. ويأتي حوالى 25 معلماً من أوروبا والولايات المتحدة للمشاركة في المعسكر الصيفي. وجاء إيتان كاردوزي، عضو أوركسترا باريس، إلى المخيم خلال العامين الماضيين. وقال إنه يستفيد بالقدر ذاته الذي يستفيد به تلاميذه. وأضاف: «في كل يوم أتعلم موسيقى شرقية وهذا شيء يجعلني أكثر ثراء. أحب الحرية (في الموسيقى الشرقية). الموسيقى الغربية لها قوام محدد وقيود وإيقاعات. إنها صارمة للغاية. الموسيقى الشرقية أكثر طواعية. يتعين أن تستمع أكثر... وعليك أن تضبط إحساسك الشخصي بالإيقاع». وفي العام الحالي سيمول المشروع زيارة إلى لندن يقوم بها شحاده شلادي (18 سنة) لدراسة كيفية صناعة الكمان. وفي المخيم يعرض شحاده أول آلتي كمان صنعهما. وعلى إحداهما علم صغير لفلسطين مرسوم عليها. وسئل أبو رضوان عما إذا كان شعور غريب ينتابه جراء استخدام السجن السابق كمعسكر للموسيقى، فهز رأسه نافياً. وقال: «صحيح إنه كان سجناً... ولكن الجدران لا تؤذيك. الناس هم الذين يستخدمون الجدران لإيذائك. صحيح أن هذا الموقع يعيد كثيراً من الذكريات، ولكنه شيء عظيم أن نستطيع ملء المكان بشيء إيجابي».