نشرت صحيفة «الحياة»، قبل أيام عدة، دراسة - نقلاً عن منتدى الرياض الاقتصادي - بعنوان «رؤية لتنمية الموارد البشرية»، وذكرت الدراسة بأن ضعف التنسيق بين الوزارات ذات العلاقة بتنمية الموارد البشرية تأتي في مقدم عوائق التنمية في المملكة، ويشمل هذا الضعف الوزارات كافة، بما فيها الحيوية كالتربية والتعليم، والصحة، والعمل، والاقتصاد، والتخطيط، والمالية وغيرها، فكلها تفتقد وجود رؤية موحدة تعمل من خلالها، ما أدى إلى وجود خلل في إدارة وتسيير العملية التنموية لدينا. بل أزيد على هذه الدراسة أن جميع مرافقنا الحكومية، بلا إستثناء، هي مقطعة الأوصال، ولا يوجد بينها أي اتصال، أو تنسيق، بدءاً بالوزارات، وانتهاءً بأصغر مؤسسة! ولعلنا نتذكر جيداً الحادثة المأسوية لإخواتنا في «حايل» قبل أشهر قليلة، التي ذهب ضحيتها 11 طالبة في عمر الزهور، ومن ثم تم تشكيل لجنة «كالمعتاد» للتحقيق في الحادثة برئاسة أمير المنطقه التي وقعت فيها الحادثة! خلاصة الأمر أن الجهات المعنية تقاذفت المسؤولية في ما بينها، وكلٌ برأ ساحته، وفي نهاية الأمر نطقت أمانة منطقة حايل بأنها لم تكن تعلم أن هذا الطريق تابعاً لها! أتساءل هنا حيال وضعي أنا كمواطن بسيط، يضيع حقي بين الوزارات، وتتقاذفه الإمارات، وتتنصل منه الأمانات، ماذا أفعل؟! هل ذنبي أني ولدت في هذه البلد وأحببتها وأُكن لأرضها وللجميع فيها الخير والحب؟! عندما يغيب التنسيق، ويُهلَك المواطن، ويُهدر حقه، والسبب عدم وجود تنسيق، أو ربط بين الجهات الحكومية أو فروعها... هل هذا معقول؟! مَنْ المسؤول عن هذا الأمر؟ ومَنْ يحاسب مَنْ؟ إن غياب التنسيق بين الوزارات والقطاعات الحكومية، وتحكم البيروقراطية في سير تعاملات كل تلك القطاعات، تعني بأن الخطط والمشاريع والفرص الاستثمارية، واقتصاد ومستقبل أبناء هذا الوطن في طريقه للمجهول! فكل الخطط والمشاريع إستحالة أن تتم من خلال وزارة واحدة، بل إن معظم الوزارات جزء من هذه المنظومة التطويرية، إما بدعم مالي أو بنية أو حتى خطط ودراسات، وبالتالي إذا غاب التنسيق والتناغم بين الوزارات فإنه من الطبيعي أن نرى بنية تحتية سيئة جداً، وناتجاً تعليمياً ضعيفاً، وأعداد بطالة ضخمة، وفي المقابل أعداد وافدين أضخم، وبالتالي استنزاف خيرات الوطن وعدم استفادة المواطن من كل هذه الأمور! يجب أن نقف وقفة صادقة حيال كل هذه الأمور، فالمسكوت عنه بالأمس لم يعد مسكوتاً عنه اليوم، ويجب وضع الأمور في نصابها الصحيح، ويجب تفعيل التكنولوجيا وإدخالها «لجميع» التعاملات الحكومية بأسرع ما يمكن لتفادي كل تلك السلبيات التي تزيد من الترهل الحاصل ولا تشده. الشيء بالشيء يذكر، فإن البدء ببرنامج مثل «الحكومة الإلكترونية السعودية» هو خطوة في الطريق الصحيح، لكنه لا يزال أقل من الطموح بكثير، وربما لا يوازي المبالغ الضخمة التي رصدت له، فهذه البرامج حتى الآن هي للشكلية أقرب منها للعملية. السؤال الذي يحتاج الى إجابة «متى يأتي الوقت الذي لا يحتاج فيه المواطن لكتابة خطاب أو معروض أو ملف أخضر لينجز معاملاته؟».ومتى يأتي المستثمر ليجد من أرض المملكة المكان الملائم لاستثماراته بكل تناغم ويسر؟ «تغريدات»: - مستخدمو «الإنترنت» في السعودية فاق عددهم 11 مليون مستخدم، وأن ما نسبته 90 في المئة من مستخدمي «الإنترنت» السعوديين يعتبرون «الإنترنت» جزءًا أساسيًا من حياتهم! هل هؤلاء ال11 مليوناً يعيشون في زمن غير زمن وزاراتنا وجهاتنا الحكومية ومسؤولينا؟! - في أحد البحوث العلمية حول الحكومة الإلكترونية «لو طبقت فعلياً» بأنها سوف تسهم إسهاماً مباشراً في محاربة العدو الأول للإبداع وهو «الواسطة»، وكذلك الأمر في ازدياد، مقدار الشفافية في الأداء الحكومي والتقليل من فرص الفساد المالي والإداري. هل لهذا الأمر علاقة بالتطبيق الشكلي فقط للحكومة الإلكترونية لدينا؟... ربما! [email protected]