أعرف أن كلامي سيزعجك قليلاً، وأنا على ثقة أنك ستقرأ كلامي لكونك مسؤولاً وتحب أن تعيش هذه الصفة في كل فرصة تتاح لك، لكني أتمنى أن ترجع إلى الوراء... إلى مرحلة ما قبل الكرسي عندما كان دخلك الشهري «12 ألفا»، وعندما كنت تقطن في بيت بالإيجار، وعندما كنت تذهب إلى العمل مستقلاً الباص كمواطن عادي، وعندما كنت تعمل ثماني ساعات في اليوم، وعندما كنت تجلس على تلك القهوة مع أصحابك تنتقد عمل بعض المسؤولين، وتطلق عليهم أحكاماً تحاول اليوم ألا تتذكرها. يا عزيزي: اليوم دخلك اليومي غير معروف، وقصرك أكبر مما نتصور، وسياراتك أكثر مما نتوقع، وساعات عملك محدودة، ولقاؤك مع العامة شيء من الأسطورة، اللهم غبطة لا حسد على كل هذا إن كان من الحلال أو...؟ ولكن دعني أقل لك إن «همبرتوكاستللو برانكو» بعث رسالة إلى رئيس مجلس الشيوخ البرازيلي قال فيها: «لما كانت حفلة تنصيبي رئيساً للجمهورية غداً، فإنني أتشرف بأن أرسل لفخامتكم هذا البيان عن ممتلكاتي في هذا العالم»، وأورد البيان: مسكناً في «ريو دي جانيرو» ثمنه «50 ألف» دولار، وأوراقاً مالية بقيمة «20 ألف» دولار، وسيارة من طراز «أيرو ويلز» عمرها ثمانية أعوام، وختم بيانه وأضاف أنه يملك أيضاً قبراً دفع ثمنه مقدماً وموقعه في أحد مقابر «ريو». ولكي يؤثر فيك كلامي أكثر مما أزعجك، يا حبذا أن تسمع هذه الموعظة: دخل سيدنا علي بن أبي طالب «كرم الله وجهه» إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب «رضي الله عنه»، وعندما جلس سأله الفاروق يا أبا الحسن أجئت بأمر من أمور خاصتك، أم بأمر من أمور المسلمين؟ فدهش أبو الحسن؟ وقال لأمير المؤمنين: ما الفرق؟ فأجابه الفاروق إن كان بأمر من أمور خاصتك أطفأنا المسرجة... وإن كان لأمر من أمور المسلمين فنحن نعمل لهم. وتذكر عزيزي المسؤول أنه سيسقط الكرسي ذات يوم وستسأل بعدها سؤالاً واحداً... من أين لك هذا؟ فهل أعددت العدة، وهل لديك جواب مقنع، أم أنك ستحمل مع ما حملت من أموال «سيرة نتناقلها جميعاً»، وربما لن يتشرف بها نسلك من بعدك؟! [email protected]