في وقت كثفت قوى الثورة في مصر من تحركاتها للحشد في «جمعة الغضب الثانية» اليوم لإسقاط حكم المجلس العسكري والقصاص من قتلة «شهداء الثورة»، برّأت محكمة جنايات شمال القاهرة ضابط شرطة من تهمة قتل متظاهرين في ضاحية عين شمس (شرق العاصمة المصرية) خلال أيام الثورة، وهو الحكم الثالث بتبرئة ضباط اتهموا بقتل متظاهرين أمام مقار الشرطة، ما زاد الاحتقان بين المطالبين ب «القصاص» من رموز العهد السابق. وعلى غرار «جمعة الغضب» في 28 كانون الثاني (يناير) الماضي، والتي كانت بداية انهيار النظام السابق، دعت قوى وائتلافات شبابية إلى تنظيم مسيرات من المساجد الكبرى في مختلف المحافظات إلى الميادين الرئيسية للمطالبة برحيل المجلس العسكري وتسليم السلطة للمدنيين والقصاص من «قتلة الشهداء» وتقديم المتورطين من العسكريين في أحداث القتل بعد الثورة إلى المحاكمة. لكن ثمة اختلافات جمة بين «جمعتي الغضب»، فالأولى توحدت فيها كل القوى السياسية، فيما بدت الثانية وكأنها «اختبار قوة» لكل منها بعدما زادت الهوة بين الإسلاميين الذين حققوا مكاسب في العملية السياسية وحازوا الغالبية في البرلمان من جهة، والقوى المدنية والثورية من جهة أخرى. فالجانبان اختلفا بخصوص الهدف من التظاهرات، ففي حين تطالب القوى المدنية والثورية برحيل العسكر فوراً وتسليم السلطة إما لرئيس البرلمان أو فتح باب الترشيح لانتخابات الرئاسة وإلغاء انتخابات مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان) المقرر أن تبدأ بعد غد، يحشد الإسلاميون ل «الاحتفال» و «إفشال مخططات التخريب» بعدما شعروا أن هناك من يريد «الانقلاب على العملية السياسية»، بحسب الناطق باسم «الإخوان المسلمين» محمود غزلان الذي أعرب عن انزعاج الجماعة من «حال المخاض الصعب» التي تعيشها مصر. وقال ل «الحياة»: «سنتواجد في الميدان لأن الاحتفالية مستمرة، فضلاً عن أننا متخوفون من بعض المجموعات الفوضوية التي تسعى إلى إعادة انتاج العنف لتعطل المسيرة الديموقراطية، وسنسعى لمنع التخريب والفوضى». وقال: «هناك بعض القوى تتاجر بدماء الشهداء. ماذا حدث كي ننظم يوماً للغضب؟ هم يستخدمون دماء الشهداء قميص عثمان». في المقابل، اعتبر الناطق باسم حركة «6 أبريل» محمود عفيفي أن «المسيرات الضخمة التي شارك فيها الآلاف في ذكرى الثورة أكبر دليل على أن الشعب لا يريد لحكم العسكر أن يستمر وعلى الجميع الرضوخ لارادة الجماهير». وتماهت مواقف الإسلاميين مع العسكر في التمسك بخريطة الطريق المقررة لنقل السلطة. ورفض غزلان إلغاء انتخابات الشورى، كما أكد مصدر عسكري التزام القوات المسلحة بإجراء انتخابات هذا المجلس في موعدها بعد غد. وقال ل «الحياة»: «لا نلتفت إلى مطالبات البعض بإصدار مرسوم لإلغاء مجلس الشورى، فالقطار تحرك ولن يقف إلا في محطة انتخاب رئيس الجمهورية قبل نهاية حزيران (يونيو) المقبل». من جهة أخرى، قال مرشد «الإخوان» الدكتور محمد بديع إن جماعته ترى «المجلس العسكري شريكاً في حماية الثورة، وإذا أخطأ يجب توجيهه ومحاسبته وإذا أصاب يجب إعلامه، مع عدم النيل من هيبة الجيش». وأضاف، في تصريحات إلى الصحافيين، أن «البرلمان من حقه محاسبة كل مؤسسات الدول،ة وفي مقدمها المؤسسة العسكرية». وأكد أن «الإخوان» لن يدعموا أي مرشح إسلامي لانتخابات الرئاسة بل سيسعون إلى دعم شخصية تحظى بتوافق وطني.