سعى رئيس المجلس العسكري في مصر المشير حسين طنطاوي إلى احتواء غضب الشباب قبل تنظيم تظاهرات اليوم تتزامن مع الذكرى الأولى ل «ثورة 25 يناير» عبر إلغاء حالة الطوارئ إلا في ما يخص حالات البلطجة، وتعهد عودة الجيش إلى ثكناته فور انتهاء المرحلة الانتقالية. وتزامن ذلك مع كسب البرلمان الجديد دعماً من الثوار بعد جلسة عاصفة أمس انحاز فيها النواب إلى مطالب القوى الثورية بإجراء «محاكمات سياسية ثورية» للرئيس السابق حسني مبارك ورموز حكمه و «قتلة الشهداء»، وتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول أحداث الثورة. ووصل الأمر ببعض النواب إلى المطالبة بمحاكمة أعضاء المجلس العسكري على أخطاء ارتكبت خلال الفترة الانتقالية وتسببت في سقوط ضحايا. لكن التوافق بين النواب على ضرورة «القصاص» من «قتلة الشهداء» انقلب خلافاً حين بدأوا في اختيار تشكيل اللجان النوعية للبرلمان، وعددها 19 لجنة، إذ انسحبت كل القوى المدنية ممثلة في تحالف «الكتلة المصرية» وحزب «الوفد» والمستقلين من انتخاب أعضاء هذه اللجان احتجاجاً على ما اعتبروا أنه «ديكتاتورية» مارستها الغالبية الإسلامية حين اتفقت مع قوى أخرى متحالفة معها على تشكيل هذه اللجان. وتعتزم القوى المدنية تشكيل «جبهة إنقاذ وطني» داخل البرلمان ل «مجابهة ديكتاتورية الغالبية». وأقر طنطاوي ضمناً بارتكاب العسكر أخطاء خلال الفترة الانتقالية. وقال في كلمة وجهها إلى الشعب المصري عبر التلفزيون الرسمي: «من المؤكد أن كل من اختزل دور القوات المسلحة ومجلسها الأعلى في موقف ما فعليه أن يراجع موقفه الوطني». ودعا الشباب إلى تأسيس كيان حزبي يمارسون من خلاله دوراً سياسياً، متعهداً مساندتهم في هذا الصدد. وأثنى كثيراً على الشهداء والمصابين، مؤكداً أن القوات المسلحة أيدت الثورة ولم تحد أبداً عن أهدافها. لكن بدا أن خطوة طنطاوي، التي ثمّنتها جماعة «الإخوان المسلمين»، لم تلق رضا شباب الثورة، إذ أكد الناطق باسم «حركة شباب 6 ابريل» محمود عفيفي ل «الحياة» أن إنهاء العمل بالطوارئ «لا يلبي مطالب شباب الثورة... المشكلة في انعدام الثقة بيننا وبين العسكر، لذا نحن نطالب بتسليم جنرالات الجيش للسلطة»، موضحاً أن طنطاوي لم يوضح تعريف أعمال البلطجة، لافتاً إلى أن مئات من شباب الثورة احيلوا على المحاكمات العسكرية بتهم «البلطجة». أما نائب مرشد «الإخوان المسلمين» رشاد البيومي فأشاد بالإجراء، ورأى أنه يصب في إطار التهدئة، داعيا إلى «اتساع الأفق» لأنه لا يمكن تحقيق كل المطالب الآن. واستبق طنطاوي بقراره إلغاء الطوارئ مطالبات عدة لنواب البرلمان في جلسة أمس باتخاذ هذا القرار. وكانت جلسة البرلمان أمس شهدت هجوماً حاداً على المجلس العسكري والحكومة ومطالبات باستدعاء رئيس الوزراء ووزيري العدل والداخلية ومسؤولين أمنيين لسؤالهم عن أحداث قتل المتظاهرين. ولم يتكمن وزير شؤون مجلس الشعب والشورى المستشار محمد عطية من استكمال إلقاء بيانه من فرط الهجوم عليه ومقاطعته من النواب. وانتقدت غالبية النواب سير محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك وطالبوا بإجراء «محاكمة سياسية ثورية» له وأسرته وأركان حكمه وتشكيل هيئة من المستشارين من أعضاء البرلمان تتكفل بهذه المحاكمة، وطالبوا بضرورة نقله إلى السجن بدل إيداعه المركز الطبي العالمي التابع للقوات المسلحة ومراقبة تحركات زوجته سوزان ثابت. وطلب بعضهم محاكمة أعضاء المجلس العسكري وقيادات جهاز الاستخبارات العامة. ويواصل شباب الثورة الاستعداد لتظاهرات اليوم في مختلف المحافظات ترفع مطلب «تسليم العسكر السلطة الآن». وأكدت القوى الإسلامية مشاركتها بكثافة في هذه التظاهرات تحت شعار «استكمال تحقيق أهداف الثورة»، لكنها رفضت التسليم الفوري للسلطة.