صُدِمت جامعة الدول العربية بأحداث تونس، وارتبكت أمام ما حصل في مصر، ولفَّها صمت مريب، وفرّطت بليبيا، وقدَّمتها لقمة سائغة لقوات «الناتو»... وفي اليمن تنحَّت عن المسؤولية تماماً، كأنه لا يعنيها. وهي اليوم تمارس التفريط والارتباك والتناقض في محاولتها حل الأزمة السورية. قدَّمت مبادرة وُصفت بأنها «مخرج مشرّف» للنظام السوري، وتطالب، في الوقت ذاته، بتمديد مهمة بعثة المراقبين. تناشد المجتمع الدولي ممارسة دوره، وتحذر من خطورة التدخل العسكري في سورية في آن. تعلِّق عضوية سورية، وتستمر في الحوار معها. تقف في منتصف الطريق بين المعارضة والنظام. وهذه الصورة الهزيلة لأداء الجامعة العربية مؤشر الى ان العرب في حيرة وتخبط. وإذا كانت الجامعة ظلّت حية، قادرة على العمل خلال الأشهر الماضية، فإن الأزمة السورية تهدّد بنهاية دورها. المؤسف ان الجامعة تتقدم بمشاريع وخطوات وهي مقتنعة بعدم جدواها. بعثة المراقبين ارتُجِلت، وكان يجب إشراك شخصيات ومنظمات حقوقية دولية فيها، والمحصلة انها تحوّلت الى مبرر لتشجيع المطالبين بتدخل عسكري غربي، فضلاً عن انها كلّفت الشعب السوري عشرات القتلى من المواطنين الأبرياء. لا شك في أن الأزمة السورية ذات أبعاد إقليمية، وأكثر تعقيداً من الأزمة اليمنية. وجامعة الدول العربية، تدرك ان اشتباكاً في ادلب يزيد سخونة الوضع في مضيق هرمز. لذلك كان المطلوب، منذ البداية، عدم استعجال إخراج سورية من الجامعة، فهذه الخطوة ليست من السياسة في شيء، وأثّرت سلباً في التعاطي مع الأزمة، فضلاً عن أن الدول العربية تلكأت في التعامل مع المعارضة، ولم تتحرك باتجاه روسيا وإيران، بل تركت هذا التحرك لتركيا، رغم انها تحذّر من التدخل الأجنبي. وهذا التخبط لا تفسير له سوى ان الجامعة العربية مفلسة في العمل السياسي، وان ما يسمى العمل العربي المشترك شعار أجوف، وكذبة كبيرة. الجامعة تسعى إلى حل أزمة سورية بنصف سياسة ونصف حرب. والأكيد ان نهاية الأزمة ستكون مفزعة. وما يجري اليوم في أروقة الجامعة دليل على أن العرب استعذبوا التدخل في شؤونهم، وعاجزون عن التفكير المستقل، وينتظرون حلاً يقصفهم من طائرات تحالف غربي. واذا أُسنِد الأمر الى غير أهله فانتظر الحرب.