أعلن جهاز الاستخبارات الألمانية أمس، أنه بدأ البحث عن احتمال وجود جواسيس ألمان آخرين يعملون لمصلحة جهاز الاستخبارات الأميركية، فيما دافعت الحكومة الألمانية عن «صوابية» طردها مسؤول الاستخبارات الأميركية في سفارة الولاياتالمتحدة في برلين، كونه ضابط الاتصال مع جاسوسين ألمانيَّين محتملين يخضعان لتحقيق. وإضافة إلى عملية الطرد التي شكّلت صفعة قوية إلى إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، والتي ترفض أن تناقش مع برلين عمليات التنصت التي شملت أيضاً الهاتف الخليوي للمستشارة أنغيلا مركل، أعلنت مصادر في الخارجية الألمانية أن الوزير فرانك فالتر شتاينماير أجّل زيارته الرسمية إلى واشنطن المقررة منذ أشهر، والمحددة منتصف الأسبوع المقبل. واعتبرت أن خطوة مشابهة «لا تتناسب الآن مع التوتر في العلاقات بين البلدين». وتقرّر بدل ذلك، أن يلتقي شتاينماير نظيره الأميركي جون كيري في فيينا في نهاية الأسبوع، على هامش المفاوضات بين إيران والدول الست المعنية بملفها النووي. واعتبر شتاينماير طرد مسؤول الاستخبارات الأميركية في برلين «قراراً صائباً وخطوة ضرورية ورد فعل ملائماً للكسر الذي أصاب الثقة» بين البلدين. وأضاف: «لم يكن هناك مفرّ من التصرف، نريد إعادة تنشيط شراكتنا وصداقتنا على قواعد صادقة، ونحن جاهزون. هذه الرسالة التي سأوصلها إلى كيري. وهذا التعاون يجب ألا يعتمد على الثقة فقط، بل على الاحترام المتبادل أيضاً». وذكرت مصادر أن الوزيرين سيسعيان إلى كسر الجليد بين بلديهما، لكن برلين تنتظر خطوة أميركية مسبقة ذات دلالة، تساهم في فتح باب نقاش مغلق حتى الآن من واشنطن في شأن مستقبل العلاقات بين أجهزة استخبارات البلدين. وكانت مصادر حكومية ألمانية لمّحت قبل يومين إلى أنها لم تعد تستبعد السماح لجهاز استخباراتها الخارجية بالتجسس على الولاياتالمتحدة، تبعاً لمبدأ «المعاملة بالمثل»، فيما طالب وزير العدل الألماني هايكو ماس الإدارة الأميركية ب «كشف كل أوراق جواسيسها في ألمانيا، ليفتح الطرفان صفحة جديدة من الثقة المتبادلة». وساندت الأحزاب ووسائل الإعلام الألمانية، طرد مسؤول الاستخبارات الأميركية، معتبرة أن الأمر «فاجأ واشنطن التي لم تكن تعتقد بأن برلين ستجرؤ على اتخاذ خطوة مشابهة»، شبّهها الموقع الإلكتروني لمجلة «در شبيغل» ب «مَن يضع الولاياتالمتحدة على مستوى واحد مع كوريا الشماليةوإيران». وأوردت صحيفة «بيلد» أن مركل أمرت أجهزة الاستخبارات الألمانية بأن تقلّص إلى أدنى حد، تعاونها مع نظيرتها الأميركية، فيما وصفت صحيفة «زودويتشه تسايتونغ» عملية الطرد بأنها «عمل احتجاجي يُعتبر سابقة في مواجهة الصلف الأميركي». وأعلن ناطق باسم الحكومة الألمانية أن مركل لم تجرِ اتصالاً هاتفياً بأوباما، منذ طرد مسؤول الاستخبارات الأميركية في برلين، واستدرك: «لكنكم تعرفون أن الاتصالات طيبة بين المستشارة والرئيس الأميركي، والصداقة الألمانية - الأميركية أكثر اتساعاً وعمقاً بكثير من المنطقة الضيقة لتعاون أجهزة استخباراتنا». في غضون ذلك، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعداده ل «تطوير نظام يضمن أمن المعلومات الدولية في شكل مشترك»، معتبراً أن تنصت الولاياتالمتحدة على الاتصالات في العالم «ليس خبثاً واضحاً بين حلفاء وشركاء فقط، بل هجوم مباشر على السيادة وانتهاك لحقوق الإنسان والحياة الخاصة».